اعتبر تقرير اقتصادي متخصص، ميزانية المملكة للعام 2018م، وثيقة تفاؤل ورسالة اطمئنان للمستثمرين في جميع المجالات الاقتصادية، إذ تبعث مؤشراتها بمضامين واضحة للقطاع الخاص السعودي تؤكد التزام المملكة بمواصلة برنامجها الإنفاقي التحفيزي، ومعلنة عن العديد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات. وأوضح التقرير، الذي أعده مركز المعلومات والدراسات بغرفة الشرقية، أن معطيات الميزانية العامة للمملكة لعام 2018م :»هي تأكيد قوي وواضح وإعلان اقتصادي رسمي عن قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وعن مدى قدرته على مواجهة الأزمات الطارئة، وتحقيق التنمية المتوازنة في جميع المجالات. وبين التقرير أن الميزانية جاءت لتمثل مرحلة مهمة من مراحل التنمية الاقتصادية في المملكة، وخطوة جديدة تؤكد حرص الحكومة على تسريع قاطرة رؤية المملكة 2030م، التي تهدف إلى ضبط الإنفاق الحكومي ورفع كفاءته، وتنمية إيرادات غير نفطية جديدة، لتحقيق الاستقرار المالي، وتبني سياسات حازمة في ذلك، مع التركيز على المشاريع النوعية ذات العائد المجدي.. وأبان التقرير أن المؤشرات الصادرة في بيان الميزانية الجديدة تؤكد رغبة المملكة في التوسع في الإنفاق بانضباط وكفاءة، حيث من المقدر أن يبلغ إجمالي النفقات في العام الجديد نحو 978 مليار ريال، بارتفاع نسبته 9.9% مقارنة بما صدرت به ميزانية 2017م، البالغ 890 مليار ريال، في حين قدرت النفقات التشغيلية لعام 2018م، بنحو 773 مليار ريال، أي حوالي 79% من إجمالي النفقات، مرتفعة بنحو 3.6% عن النفقات التشغيلية التي خصصت ميزانية عام 2017م نتيجة تطبيق العديد من المبادرات لرفع كفاءة الإنفاق. ويرى التقرير أن مؤشرات الميزانية الجديدة جاءت متسقة مع برنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، ويظهر ذلك في قيمة المخصصات الموجهة للاستثمار في تطوير وتحديث البنية التحتية باعتباره أفضل الطرق لاستقطاب الاستثمارات الخارجية، وتنويع مصادر الدخل وتوطين رؤوس الأموال السعودية المهاجرة، حيث بلغ ما تم تخصيصه لقطاع التجهيزات الأساسية والنقل حوالي 54 مليار ريال تشمل ميزانية المشاريع، والمبادرات، باعتماد إجمالي مقداره 21 مليار ريال، للطرق والموانئ والخطوط الحديدية والمطارات والإسكان والاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات البريدية، ومدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين ومدينة رأس الخير للصناعات التعدينية ومدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية. واستعرض التقرير ما أظهرته مؤشرات الميزانية من إعطاء أولوية واضحة للقطاعات ذات الأثر المباشر في رفاهية المواطن، كتطوير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق، وكافة مشروعات البنية الأساسية، وتوفير المخصصات المالية المناسبة لضمان جودة تلك الخدمات، فعلى سبيل المثال فقد تم تخصيص 147 مليار ريال لقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية، مما يمثل حوالي 15% من النفقات المقدرة بالميزانية، و 192 مليار ريال لقطاع التعليم، أي ما يمثل 19.6% من مصروفات الميزانية في سياق حرص القيادة على الاستثمار الأمثل في الثروة الحقيقية لهذا الوطن وهم أبناؤه وبناته، كما تم تخصيص حوالي 53 مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية وتشمل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات وهيئات تطوير المناطق والمدن. ونوّه التقرير إلى عدد من التحديات الاقتصادية والمالية تواجه الاقتصاد السعودي، ليؤكد بأن هذه الميزانية جاءت في ضوء عدد من المتغيرات التي شهدتها السوق الاقتصادية العالمية والمحلية أبرزها الأسعار العالمية للنفط، إذ أن هبوط أسعارها مثّل أحد أهم التحديات التي واجهت المملكة في السنوات الأخيرة، ولمواجهة هذا التحدي قامت المملكة بتنفيذ مبادرات جديدة لتنمية الإيرادات غير النفطية مثل ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية على بعض السلع وغيرها التي ترتبط حصيلتها بالنشاط الاقتصادي، وكذلك تنفيذ عدد من المبادرات والبرامج لتحفيز الاستثمارات خاصة في مجال الصناعة، وسداد مستحقات القطاع الخاص دون تأخير، وتطبيق إجراءات لتشجيع وجذب الاستثمار في المملكة، بالإضافة إلى برامج الخصخصة التي تتيح فرص للتنمية. وتطرق التقرير إلى جملة من العوامل التي لها تأثير إيجابي محتمل على الاقتصاد الوطني مثل رفع مشاركة المرأة في سوق العمل، وأثر مبادرات تحسين نمط الحياة على النمو الاقتصادي وعلى مستوى رفاهية المواطن، ودور خصخصة جزء من رأسمال شركة أرامكو السعودية وبعض الأصول الأخرى في زيادة فرص القطاع الخاص الاستثمارية التوسعية في الاقتصاد، ودور حملات مكافحة الفساد في خلق بيئة استثمارية جاذبة ومشجعة للمستثمرين، بالإضافة إلى تحسن أداء الاقتصاد العالمي بمعدلات أعلى من التوقعات، والأثر الإيجابي لبدء تنفيذ بعض المشروعات الكبرى مثل مدينة نيوم، وغيرها من المشروعات والمبادرات التي يمكن أن تحقق نسبة أعلى في معدلات النمو الاقتصادي غير النفطي مقارنة بالتقديرات الحالية.