في ظل غياب دراسات، وأبحاث لأساليب الدعاية لدى التنظيمات الإرهابية، وكيفية توظيفها في عمليات التجنيذ، والتعبئة، يأتي التحذير الواسع الذي أطلقه المركز العالمي لمكافحة التطرف «اعتدال»، لما يمكن تسميته ب»إستراتيجية المتطرفين» للدعاية لحمل السلاح، عبر سلسلة من الأناشيد المتطرفة، والذي يعتبر إحدى أدوات الجذب، والتجنيد، والاستقطاب، لما يمكن تسميته بانتشار الفكر الجهادي للانضمام إليه؛ خوفاً على حلم الخلافة المزعوم، من دون إدراك، واستشعار لما قد تؤول إليه الأمور، وهو ما عبّر عنه الحساب الرسمي ل»اعتدال» على تويتر، الثلاثاء - قبل أيام -: «يغني المتطرفون للموت.. وتندفع أصواتهم بنشاز.. وهي تصرخ في آذان مستمعي أناشيدهم المتطرفة.. التي باتت تمثِّل سلاحًا دعائيًّا يقدم بتقنيات متطورة .. #نشاز_التطرف بين صوت الدمار، ولحن الموت» . بالنسبة إلى المواضيع التي تتناولها الأناشيد التي تصدر من التنظيمات المتطرفة، فقد أعطى التنظيم قيمة كبيرة لمنشديه الفنيين، إذ يرافقون بألحانهم كبار - القادة والعسكريين -، ويتوسطون عناصر التنظيم في جلساتهم؛ لأنها تعبِّر بشكل رئيس عن ثقافة، وأفكار هذه التنظيمات، وهي في العادة لا تخرج عن هذه العناوين الآتية: 1 - الحض على العنف، ويمثّل العنوان الرئيس لغالبية الأناشيد المتطرفة. 2 - التحريض، إما بقدوم المتعاطفين إلى مناطق الصراع، أو دفعهم للقيام بعمليات فردية في المناطق التي يعيشون فيها. 3 - واقع الشباب، حيث يتم تصوير الواقع بشكل محبط؛ ليسهل معه التأثير على أفكار الشباب، والتقليل من حجم طموحاتهم. 4 - حال المجتمعات: وهو واحد من المواضيع الرئيسة التي تحضر في غالبية أناشيد المتطرفين، مع تغيير لأسماء مناطق الصراع في كل مرحلة. 5 - أهمية القتال، إذ تحاول التنظيمات من خلال هذا العنوان ربط المتلقي بسياقات تاريخية قديمة. من جانب آخر، وفي محاولة لتوظيف الفن في استقطاب كوادر جديدة، فقد نشر الحساب - أيضاً - إنفوجرافًا يوضح الطرق التي تلجأ إليها التنظيمات المتطرفة لتحقيق أهدافها؛ كونها تكمن في قدرتها الهائلة على الانتشار، والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، وتتمثّل في بث الحماسة، وذلك في صفوف المنضمين لدى هذه التنظيمات، وإبقائهم في حالة معنوية تسمح بتوجيههم؛ لتنفيذ العمليات الإرهابية، وجذب المتعاطفين من خلال ربطهم المواضيع التي تعبّر عنها هذه الأناشيد، ونشر الأفكار، والتي تعد وسيلة لنشر خطابات الكراهية التي تتغذَّى عليها التنظيمات المتطرفة، وتبرر من خلالها أفعالها الإجرامية، وتصدير الرعب، ويظهر هذا من خلال المفردات العنيفة المستخدمة داخل تلك الأناشيد، مثل: «حرق، نحر، ذبح». أما تصفية الحسابات مع المخالفين لهم، فقد كان لأسلوب داعش في تصفية حساباته مع التنظيمات المتطرفة الأخرى عن طريق التقنيات المستخدمة في إنشاد الجماعات المتطرفة أسلوباً احترافياً، فعادة ما ترافق هذه الأناشيد مؤثّرات صوتية تبتعد كليًّا عن الموسيقى، وتدبلج بأصوات الطبيعة، وتعكس خلفيات عنيفة مستمدة من أفكار هذه التنظيمات، وأهدافها، وتتمثَّل أبرز هذه المؤثّرات في: «حمحمة الخيل، صليل السيوف، هدير الدبابات، أصوات المعارك». بقي القول: إن ظاهرة داعش - الإرهابية الإعلامية - معقّدة، فتلك الأناشيد المتطرفة، وإن كانت تروّج للقتال، والحض على كراهية علماء الدين، والحكام، ووصف المجتمع بالشرك، والكفر؛ حتى تكون حافزاً لهم في الدفاع عن التنظيم، وتنفيذ أهدافه، وطموحاته، إلا أنها تحرك الغرائز بطريقة لا شعورية، وتهدف لشحذ همم الشباب الذي يسمعها، ثم يعقبها مرحلة تغييب عقله؛ ليبدأ بعدها بالانضمام للتنظيم، كما يذكر ذلك باحثون في الحركات الإسلامية؛ من أجل فتح نوافذ على أرض الملاحم، أو تبشّر بدولة الخلافة - كما يزعمون -، وترسم منهجها، وأسلوب عملها .