استحدث تنظيم «داعش» الإرهابي مناصب جديدة في هيكلته التنظيمية، ذات طابع «فني». وعلى رغم تشدد التنظيم وتحريمه الألحان، إلا أنه أبدى خلال الفترة الماضية «تساهلاً» تجاه الأناشيد، بما فيها الملحنة. حتى إنه أصدر أخيراً ما أسماه «جلسات سمر لإخوة جزراوية»، في محاولة لتوظيف «الفن» في استقطاب كوادر جديدة. ولم يكتف «داعش» بتقسيم مهماته إلى شرعية وعسكرية، بل أضاف إليها المهمات والقيادات «الإنشادية» أو «الفنية»، وأعطى التنظيم قيمة كبيرة لمنشديه الفنيين، إذ يرافقون بألحانهم كبار القادة والعسكريين، ويتوسطون عناصر التنظيم في جلساتهم، وحتى في وسط المعسكرات. ويحرص منشدو التنظيم على اختيار الأبيات الحماسية، والمحرضة على القتل والرغبة في الموت، إضافة إلى أبيات التكفير والشتم، كما اشتهرت أبيات الرثاء، التي ينعون بها من رحلوا.(للمزيد). وتبدو «الحور العين» الحاضر الأبرز في كلمات منشدي «داعش» المُلحنة. فيما يردد عناصر التنظيم تلك الأبيات بتغريدات على مواقع التواصل، إضافة إلى كتابتها في صور و«مونتاجات» مصممة، والتي عادة ما تُكلف بتصميمها «متعاطفات مع التنظيم». فيما بث التنظيم أخيراً مقاطع مصورة لعدد من جلساته الإنشادية، زاعماً إقامتها من طريق مجموعة من عناصره السعوديين، وعنون المقطع ب«جلسات سمر لإخوة جزراوية». بدأت الجلسات الإنشادية تأخذ زخماً كبيراً بين الجماعات الإرهابية في الآونة الأخيرة. وقال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أحمد الموكلي: «هي وإن بدت أنها موجهة للحكومة السعودية، إلا أنها تحمل في طياتها رسائل أخرى كثيرة، أهمها أنها أشبه بجلسات السمر، مع اختلاف الأجواء، ففيها مؤانسة أعضاء هذه الجماعات لبعضهم البعض، وتثبيت بعضهم للآخر، فقادة هذه الجماعات يخافون من انشقاقهم، والعودة إلى بلدانهم». ولفت الموكلي إلى أن لدى أعضاء هذه الجماعات «فراغاً كبيراً، خصوصاً السعوديين منهم، المعروفين ب(الجزراويين). فقادة هذه الجماعات لا يثقون بجلهم، فلا يكلفونهم بمهمات غير العمليات الانتحارية، ولذلك مثل هذه الجلسات تهون عليهم ساعات الانتظار والفراغ والملل الذي يصاحبها، ما لا يترك فرصة لفكرة العودة إلى الأوطان أن تتسلل لعقول هذه الجماعات لحين الانتهاء من الإعداد لتلك العمليات».