في لحظةٍ ما يقرّر النهار الفائت أن يكون بحوزتي، أنا الذي لا أملك الكثير من الوقت لأعيش يومي، وليس في استطاعتي ترك نيّاتي على غارب التأهب لمواكبة حالاته الطارئة المتقلبة، فكيف سأبدأ مسافات البكور، مروراً بوسطه، ووصولاً للشفق الذي يعلن هبوط السبات على لون السماء. لقد عرفت قبل حين من الزمان، أن المسافات في النهار خطيرة جداً، حين لا يكون الإدراك على جاهزية تامة لتقبل حالات الخسائر الواضحة جداً كوضوح الشمس في رابعة النهار، لذلك فإنني كلما نويت التقادم، وجلبت معي بعض الفوضى التي تحتاجها حالات الشتات الذهنية، وجدت نفسي محاطاً بالساعات التي تريد أن تغرس أنيابها في جسدي، فأقرر التراجع، أو الامتياح من اللا شيء. لقد توقّعت في سابق الوقت أن يهديني النهار أزماناً من الأبديات الصغيرة اللا نهائية، تلك التي تعبر رغباتي، وتجتاز بي حدود البدايات والنهايات، فأحلق في منتصف مثالي لخيال الشاعر، حيث يكون بين الخدر والوعي، والجدل الهزلي والهزل الجدي، لكن ما حدث فعلاً هو أنه أهداني أوقاتاً فائضة من التيه، وأشكالاً متعددة من الشتات، واحتمالات لا تنتهي ولا تتقهقر، وخوفاً من العبور في وضح الضوء! في الحقيقة أنني لم أعرف حدود مساحاتي النهارية، ولست في مزاج يعينني على اقتراف المسافات رغم ما تحمله من خسائر متوقعة، وأعترف أنني كنت أخشى من لحظةٍ تأتي كهذه اللحظة (حين يقرر النهار الفوضى) وأنا ما زلت بين الكثير من الخيارات المخيفة، غير قادر على اتخاذ قرار واحد، أو طي سريرتي في نفسي، والرحيل في الاتجاه المعاكس. ** ** - عادل بن مبارك الدوسري [email protected]