ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بما حدث في معرض الكويت الدولي للكتاب هذا العام، حيث صادرت الرقابة الكثير من المؤلفات الجديدة، والتي حمل أصحابها قانون المطبوعات لديهم المسؤولية الكاملة في منعها رغم عدم منافاتها للآداب العامة. لكن التساؤل المثير للعقل هو ما طرحه البعض من المؤلفين والمؤلفات حول سماح الرقابة بالكتب المبتذلة وخوفهم من تلك الكتب التي تحفز التفكير وتناقش القضايا وتحمل طبقات متعددة من المعاني. الروائية الكويتية بثينة العيسى أطلت على متابعيها عبر سناب شات وقالت بأن حرية التعبير لا تجتزأ، فإذا كنا ننادي بأن يتم السماح للقارئ باختيار كتبه التي يود قراءتها دون تدخل من الرقابة، فإن علينا أيضا ألا ننادي بمنع تلك الكتب التي نراها مبتذلة وبلا قيمة، أي أن يكون هناك حصانة لحرية التعبير، والسؤال هنا يكون إلى أي مدى يمكن أن تتمدد حرية التعبير دون تتسبب في ابتذال الكتب وضياع قيمتها؟ لقد قلت قبلاً وفي عدة مقالات أن دور النشر قد أصبحت دوراً ربحية بالدرجة الأولى، فلم تعد تهتم بالمحتوى بقدر اهتمامها بشهرة الكاتب مثلاً، حتى تضمن توزيعاً أكبر وشريحة أكثر من القراء الذين يهمهم الاسم قبل العنوان، وهذا ما جعل مجال النشر أسهل من الكتابة نفسها، بل أسهل من شرب الماء، ويغري الكثير من (كتبة مواقع التواصل الاجتماعي) بتدوين أسمائهم على كتب لا تحمل أي فكرة أو قيمة، ولم يتعبوا فيها. وهذا ما يفسر خروج بعض الكتب محملة بالأخطاء الإملائية والنحوية، بل وغياب الحبكة الدرامية والرابط بين الأحداث في بعض الروايات، وانعدام الفكرة، رغم أن هذه الدور تفيد بأن لديها لجنة رقابية تراجع الكتب قبل الموافقة على طباعتها، إن من مهام دور النشر الأساسية تحسين ذائقة القارئ، والرقي بالأفكار، ولم يكن من مهامها يوماً جمع المال فحسب. فما يحدث على الساحة الأدبية والثقافية هو إسفاف بالمعنى الحرفي للإسفاف. قال لي أحد الأصدقاء: كتبت مجموعة من التغريدات في حسابي الجديد على تويتر، فوصلتني رسالة من أحد المسؤولين في دار نشر فضل الاحتفاظ باسمها لنفسه. قال له: إن أردت أن نجمع تغريداتك في كتاب باسمك فدارنا على أتم الاستعداد؟ ** ** - عادل الدوسري [email protected]