قدَّم لنا الدكتور حمد البليهد قراءة تحليلية لواقع المرأة وانعكاسها على النساء في الروايات السعودية من خلال كتابه «مقاربات في السرد النسوي» الصادر عن المركز الثقافي للكتاب مطلع عام 2017م. يقع الكتاب ضمن 120 صفحة تناولت النص السردي النسوي وذلك بدراسة نماذج مختارة من المشهد السردي في المملكة العربية السعودية والذي طرحت قضايا إشكالية في الرؤية والجماليات في مستويات المرجعيات التابوية، والجندر (النوع الاجتماعي) والإيروتيكية والعلاقة بالآخر ومنها: عيون الثعالب للكاتبة ليلى الأحيدب والآخرون لصبا الحرز والحريم الثقافي بين الثابت والمتحول لسالمة الموشي وكائنات من طرب لأمل الفاران. وهذه نقطة تُحسب للكاتب إذ إنه خرج من الدائرة التي يقع فيها أغلب الكتَّاب والباحثين بتناولهم كتابي نساء المنكر لسمر المقرن وهند والعسكر لبدرية البشر نموذجًا للسرديات النسوية التي ناقشت قضايا النساء في المجتمع السعودي وإظهار مساهمات غيرهن من الكاتبات حول قضايا مجتمعهن. يضم الكتاب مجموعة من الدراسات النسوية بالمفهوم الشامل، إلى جانب دراسات في الصراع الحضاري تقع في ثلاثة فصول، تناول الأول «النسوية وازدواجية المثقف» و»النسوية وصراع الهويات»، واهتم الفصل الثاني بالنسوية وحلم التحديث، أما الفصل الثالث فشمل دراستين عن الصراع الحضاري بين السيرة الشعبية والرواية والذي أراه من وجهة نظري لا يمت لفحوى ومضمون الكتاب الأساسي بأي صلة، إذ تناول في الشق الأول من الفصل ظهور فن الرواية والآراء المتباينة حول رواية دونكيخوته للإسباني ميجيل دي سيرفانتس والتي اعتبرت أول رواية أدبية عرفها التاريخ وناقش ما يقابلها عند العرب، أما الشق الثاني فتناول رواية طنين للكاتب سيف الإسلام بن سعود التي تقفت التحولات في التاريخ السعودي. ركز الكاتب على المقارنة في قراءاته للنماذج بين الفكر النسوي من جهة، وحس ما بعد الحداثة في مجتمعاتنا العربية من جهة أخرى، فالمجتمعات القادرة على التقدّم هي المجتمعات القادرة على التساؤل ومراجعة المفاهيم والشك في كل السياقات والإيدولوجيات والسرديات الكبرى، لأن ما بعد الحداثة لم تقدم لنا البديل حين ننفي كل ما هو ثابت في تاريخنا البشري والاجتماعي. الكتاب في مجمله قصير ولا يوجد به حشو فائض عن حاجة القارئ، أسلوب الكاتب يتناسب مع عقلية الباحث والقارئ العادي، ولعل أبرز ما يميز الكاتب أنك تقرأ في سطوره الحياد والموضوعية التامة.