في شهر واحد ضربت عدن إحدى عشرة عملية إرهابية، منها تفجيرات انتحارية وأخرى اغتيالات لشخصيات دينية وعسكرية، وتبدو الحيرة دائرة حول هذا التصعيد المتوالي، فهل نحن أمام ردّة فعل طبيعية من التنظيمات الإرهابية المنتشرة في اليمن، أم هي أنّ هناك ارتباطاً مع التطورات الإقليمية في المنطقة عموماً؟، وتبدو الصورة الأكثر ترجيحاً أننا أمام مشهد يختلط فيه التداخل بين المحلي والإقليمي نتيجته هذه الضربات الإرهابية. قطر ظهرت في مدينة عدن بكل وضوح، من خلال دعمها لخطاب حسن باعوم وإثارة قضية عدائية تجاه السعودية والإمارات، افتعال صراع لم يكن ولن يكون جاء عبر المخابرات القطرية وبشكل مباشر، ف (باعوم) الابن مازال متخفياً في الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت حيث معقل حزب الله، بما يقدر ب 20 مليون دولار ضخت في عدن للترويج لحملة عدائية ضد التحالف العربي، مدعوماً من كل المنصات الإعلامية القطرية وعلى رأسها قناة الجزيرة، كان ما حدث مجرد محاولة لخلق فوضى في ظل موجة عالية ومتتابعة من ضربات إرهابية. ليس من المنطق في شيء استبعاد هذه الموجة من الضربات الإرهابية من التأزيم الشديد في الشرق الأوسط عموماً، فمن الواضح أنّ عدن يعتقد الإيرانيون أنها الخاصرة الرخوة التي يمكنهم الاستثمار فيها، لضرب المشروع العربي الذي تقوده السعودية بدعم من دولة الإمارات، ليس في اليمن فقط بل في مواجهة المشروع الإيراني، في هذا السياق يمكن ضم إطلاق الصاروخ البالستي الإيراني على الرياض واستهداف أنبوب النفط البحريني السعودي، وكذلك العمليات الإرهابية التي استهدفت مقر إدارة البحث الجنائي في خور مكسر ومقر إدارة عمليات الحزام الأمني في حي المنصورة. توالي هذه العمليات في المشهد الإقليمي، يعطينا نظرة حول أنّ إيرانوقطر تحاولان إثارة فوضى في ملفات عدّة، غير أنّ مدينة عدن تمثل محطة رئيسية في محور المشروع العربي، فهي العاصمة العربية التي تمّت استعادتها من القبضة الإيرانية، فلقد شكّل تحرير عدن في يوليو 2015م نقطة تحول أساسية في إدارة الصراع، والأهم أنّ استعادة عدن كنموذج عربي يبقى عنصراً رئيسياً، وهو ما تقدمه السعودية والإمارات من خلال تدعيم المحافظات المحررة بقوات متخصصة في مكافحة الإرهاب وهذا ما يقوم به الحزام الأمني. تثير عمليات مكافحة الإرهاب التي قامت بها قوات الحزام الأمني مدعومة من القوات الإماراتية في محافظة أبين، وخاصة في المحفد المعقل الرئيسي لتنظيم داعش أسئلة كثيرة، أهمها هل هناك ارتباط بين تلك العمليات واستهداف تنظيم داعش الإرهابي لمدينة عدن بالعمليات الإرهابية؟ الأكيد هنا أنّ هناك ارتباطات حقيقية بين الفعل وردة الفعل، خاصة وأنّ هذه العناصر المتطرفة تدرك أنّ الحزام الأمني وغيره من التشكيلات سواء النخبة الحضرمية والشبوانية أنها جادة في مكافحة الإرهاب، وأنّ اجتثاثه سيكون نهاية المطاف مهما طال أمد الحرب مع هذه الجماعات المتطرفة. يبقى التذكير أنّ هناك خطاباً تحريضياً واسع النطاق ممول من قطر وعلى رأسه حمالة الحطب توكل كرمان، التي مازالت تقود حملة إخوان اليمن ضد التحالف العربي عبر كل المنصات الإعلامية التي تتاح لهم، هذا الخطاب المتشنج لن يهزم عدن وأهلها، فلقد انهزم الحوثي على تراب هذه المدينة وسينهزم الإرهاب، وستنتصر عدن مُجدداً فهذه مدينة ارتبطت بالحياة والسلام، لذلك ستنتصر بإرادة أهلها وعزم أبنائها.