لم يكن الإعلان عن قضايا الفساد المتشعبة مستغربًا للعامة والخاصة؛ بل كانت المفاجأة في الشخصيات الاعتبارية المنخرطة بها؛ التي لم يكن التعرض لها مسموحًا من قبل بسبب الحصانة التي أحاطت نفسها بها؛ وكرستها الثقافة العامة التي اعتبرت في كثير من الأحيان نقد الممارسات الخاطئة من الأمراء والوزراء خوار في وطنية الناقد؛ وتشكيك في نواياه الصادقة. وأكثر من ذلك تسلط اللجان القضائية في محاسبة الإعلاميين النزيهين لمصلحة بعض الوزراء الفاسدين؛ ما أسهم في تحجيم قدرات الإعلام في ممارسة سلطاته الرقابية بوصفه السلطة الرابعة المعينة للحكومة في كشف الفساد وتحديد بؤره المتوارية عن الأنظار. تحتفظ الذاكرة بالوزير المسؤول عن إحدى أكبر المؤسسات الحكومية ذات الملاءة المالية الضخمة؛ ومحاولته استخدام نفوذه للإضرار بي من خلال مجلس إدارة الشركة التي كنت أعمل بها؛ ثم من خلال الصحيفة الناشرة لمقالاتي؛ التي أثبتت كفاءتها ومهنيتها حين فتحت باب الرد (لمعاليه) دون التعرض لي؛ أو حجب مقالاتي أو التدخل فيها. وعلى النقيض من ذلك؛ سعى وزير آخر للاتصال وتقديم الشكر؛ وطلب التوسع في فهم ما تم طرحه في مقالي من نقد طال مخرجات وزارته؛ مع وعد بدراسة الموضوع والاهتمام بالاقتراحات ذات العلاقة؛ التي نُفذت في فترة زمنية قصيرة؛ ما يؤكد الفارق بين الوزراء في تعاملهم مع الإعلام؛ ورغبتهم في التغيير والإصلاح لخدمة الوطن والمواطنين. يمد بعض الوزراء جسور التواصل مع الكتاب المختصين والإعلاميين المسؤولين؛ ويتحدثون معهم بشفافية مطلقة لتحقيق كفاءة الأداء ولتوضيح الصورة ولتوفير المخزون المعرفي المعين للكاتب على طرح الأفكار النزيهة بناء على المعلومات النقية الصادرة من المسؤول الأول؛ ويصححون الأفكار الخاطئة بأسلوب احترافي راقٍ؛ في الوقت الذي يجتهد فيه وزراء آخرون في تكذيب وتجريم كل ما ينشر عنهم؛ والتعاقد مع شركات العلاقات العامة لتحسين صورة الوزير للعامة والخاصة؛ وإن أفرطت وزارته في تقصيرها. وبالعودة لقضايا الفساد المعلن عنها؛ وبعض الوزراء والمسؤولين الموقوفين؛ نجد أن الإعلام قد فتح ملفاتهم خلال السنوات الماضية؛ تلميحًا وتصريحًا؛ ولولا القيود الرقابية واللجان القضائية؛ لتبرع بعض الكتاب والإعلاميين المتخصصين في تقديم ملفات متكاملة لتلك القضايا. الإعلام شريك للحكومة في جهودها المضنية لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة التي يمكن أن تتحول إلى ثقافة عامة من خلال الرقابة الحكومية ورقابة الإعلام الوطني المسؤول. عندما تضعف رقابة الإعلام؛ ويجرد من أدواته وأسلحته يجد الفاسدون بيئة خصبة للتوسع والتماهي وقلب الحقائق حتى يصبح الفاسد شريفًا والشريف فاسدًا في نظر الآخرين. الحديث عن الإعلام الداخلي يقودنا نحو الإعلام الخارجي الذي بات موجهًا ضد الإصلاحات الاقتصادية؛ السياسية؛ والمجتمعية؛ وجهود الحكومة في تفعيل دولة القانون والمؤسسات ومكافحة الفساد. ونتألم حين نجد أن من يقود حملات التشكيك في إجراءات مكافحة الفساد؛ في الإعلام الغربي؛ هم من السعوديين الذين تمتعوا في فترات ماضية بالحظوة والمزايا التي لم يحصل عليها الإعلاميون الناصحون. نجحت المملكة في التخلص من «مرتزقة الإعلام» العرب بعد أن كشفتهم وكشفت حقدهم الدفين؛ وابتليت ببعض أبنائها العاقين لها والمرتمين في أحضان الغرب. ستبقى المملكة شامخة وستمضي في إصلاحاتها برغم ضوضاء المحرضين وتآمر الحاقدين وحملات المتربصين بها ريب المنون؛ غير أن التجارب القاسية يجب أن يُستفاد منها الدروس والعبر وألا نقع مستقبلاً في أخطاء الماضي. إطلاق يد الإعلام المسؤول سيجعله أكبر الداعمين للحكومة في حربها على الفساد؛ وإصلاحاتها الاقتصادية والسياسية والمجتمعية؛ وسيجعله شريكًا فاعلاً في عمليات التحول والتطوير وتحقيق أهداف الحكومة الإستراتيجية. [email protected] لم يكن الإعلان عن قضايا الفساد المتشعبة مستغربًا للعامة والخاصة؛ بل كانت المفاجأة في الشخصيات الاعتبارية المنخرطة بها؛ التي لم يكن التعرض لها مسموحًا من قبل بسبب الحصانة التي أحاطت نفسها بها؛ وكرستها الثقافة العامة التي اعتبرت في كثير من الأحيان نقد الممارسات الخاطئة من الأمراء والوزراء خوار في وطنية الناقد؛ وتشكيك في نواياه الصادقة. وأكثر من ذلك تسلط اللجان القضائية في محاسبة الإعلاميين النزيهين لمصلحة بعض الوزراء الفاسدين؛ ما أسهم في تحجيم قدرات الإعلام في ممارسة سلطاته الرقابية بوصفه السلطة الرابعة المعينة للحكومة في كشف الفساد وتحديد بؤره المتوارية عن الأنظار. تحتفظ الذاكرة بالوزير المسؤول عن إحدى أكبر المؤسسات الحكومية ذات الملاءة المالية الضخمة؛ ومحاولته استخدام نفوذه للإضرار بي من خلال مجلس إدارة الشركة التي كنت أعمل بها؛ ثم من خلال الصحيفة الناشرة لمقالاتي؛ التي أثبتت كفاءتها ومهنيتها حين فتحت باب الرد (لمعاليه) دون التعرض لي؛ أو حجب مقالاتي أو التدخل فيها. وعلى النقيض من ذلك؛ سعى وزير آخر للاتصال وتقديم الشكر؛ وطلب التوسع في فهم ما تم طرحه في مقالي من نقد طال مخرجات وزارته؛ مع وعد بدراسة الموضوع والاهتمام بالاقتراحات ذات العلاقة؛ التي نُفذت في فترة زمنية قصيرة؛ ما يؤكد الفارق بين الوزراء في تعاملهم مع الإعلام؛ ورغبتهم في التغيير والإصلاح لخدمة الوطن والمواطنين. يمد بعض الوزراء جسور التواصل مع الكتاب المختصين والإعلاميين المسؤولين؛ ويتحدثون معهم بشفافية مطلقة لتحقيق كفاءة الأداء ولتوضيح الصورة ولتوفير المخزون المعرفي المعين للكاتب على طرح الأفكار النزيهة بناء على المعلومات النقية الصادرة من المسؤول الأول؛ ويصححون الأفكار الخاطئة بأسلوب احترافي راقٍ؛ في الوقت الذي يجتهد فيه وزراء آخرون في تكذيب وتجريم كل ما ينشر عنهم؛ والتعاقد مع شركات العلاقات العامة لتحسين صورة الوزير للعامة والخاصة؛ وإن أفرطت وزارته في تقصيرها. وبالعودة لقضايا الفساد المعلن عنها؛ وبعض الوزراء والمسؤولين الموقوفين؛ نجد أن الإعلام قد فتح ملفاتهم خلال السنوات الماضية؛ تلميحًا وتصريحًا؛ ولولا القيود الرقابية واللجان القضائية؛ لتبرع بعض الكتاب والإعلاميين المتخصصين في تقديم ملفات متكاملة لتلك القضايا. الإعلام شريك للحكومة في جهودها المضنية لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة التي يمكن أن تتحول إلى ثقافة عامة من خلال الرقابة الحكومية ورقابة الإعلام الوطني المسؤول. عندما تضعف رقابة الإعلام؛ ويجرد من أدواته وأسلحته يجد الفاسدون بيئة خصبة للتوسع والتماهي وقلب الحقائق حتى يصبح الفاسد شريفًا والشريف فاسدًا في نظر الآخرين. الحديث عن الإعلام الداخلي يقودنا نحو الإعلام الخارجي الذي بات موجهًا ضد الإصلاحات الاقتصادية؛ السياسية؛ والمجتمعية؛ وجهود الحكومة في تفعيل دولة القانون والمؤسسات ومكافحة الفساد. ونتألم حين نجد أن من يقود حملات التشكيك في إجراءات مكافحة الفساد؛ في الإعلام الغربي؛ هم من السعوديين الذين تمتعوا في فترات ماضية بالحظوة والمزايا التي لم يحصل عليها الإعلاميون الناصحون. نجحت المملكة في التخلص من «مرتزقة الإعلام» العرب بعد أن كشفتهم وكشفت حقدهم الدفين؛ وابتليت ببعض أبنائها العاقين لها والمرتمين في أحضان الغرب. ستبقى المملكة شامخة وستمضي في إصلاحاتها برغم ضوضاء المحرضين وتآمر الحاقدين وحملات المتربصين بها ريب المنون؛ غير أن التجارب القاسية يجب أن يُستفاد منها الدروس والعبر وألا نقع مستقبلاً في أخطاء الماضي. إطلاق يد الإعلام المسؤول سيجعله أكبر الداعمين للحكومة في حربها على الفساد؛ وإصلاحاتها الاقتصادية والسياسية والمجتمعية؛ وسيجعله شريكًا فاعلاً في عمليات التحول والتطوير وتحقيق أهداف الحكومة الإستراتيجية.