أنّ هذا العالم الواسع الشاسع يتسرب من بين يديك دون أن يراك؟ أنك بالرغم من انشغالك بتربية الأمل؛ تبكيه وأنت سائر في طريقك إليه؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أنّ كلّ من حولك لايستوعبون كم أنت نديّ من الدّاخل سهل الانحناء أمام كلّ خدش يحدثونه في روحك غير عابئين؟ أنّ العابرين يحتاجونك فقط على قارعة الطريق؛ ليأخذوا منك حاجتهم وينسلوا بهدوء؟! ماذا يعني أن تكون حزينًا؟ أنّ كلّ من أوهموا العالم باستهلاك لفظة (نقاء) هم أكثر النّاس إيلامًا لك بمكرهم؟! أنّك تعرف وجوههم الحقيقية, وتخجل من أن تفضحها؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أن تتآمر كلّ خيوط الحظ ضدك؟ أن يأخذ من لا يستحق ما تستحق؛ لأن حائط استناده مكين, وتصمت؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أن يبغضك المبغوضون لا لشيء إلا لأنّك على مسافة واحدة من الجميع, تحبهم, وتغفر لهم كلّ خطاياهم الجسام في حقك, فيرونها ضعفا وتراها تسامحًا؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أنّك تجفف أوجاعك المبتلة بمفردك, وتضحك حدّ الضّجر.. حدّ الصخب كبهلوان ؟ أنك تمرر الإهانات التي تعلق بك بابتسامة, وتتجاهل؛ لتكون أنت إنسانك الذي تحبّ؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟! أن تتشارك سعاداتك وطموحاتك مع أصدقاء افتراضيين لن يتجاهلوها كما يفعل الأنداد في واقعك الجاف حدّ التصحر؟ أولئك الذين يحاولون التشويش على كلّ جولة تكسبها؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أن تكون وحيدًا معدمًا تربي الأمل حتى في أوج خيباته؟ أن تحاول أن تتبسم بصدق في وجه مبغضك الذي لاتعلم لما أبغضك؟ أن تتجرع صدمتك فيه بابتسامة تتحول على وسادتك ليلا إلى سيل من نحيب؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أن تحزن بمفردك.. وتحتفل بمفردك.. وتنفس عن أحزانك بغير وجهها الحقيقي؟ أن تكذب وأنت تشعل العالم من حولك بشموع الفرح؟ أن يحاول أحدهم كلّما علا ذكرك أن يضع حولك علامات استفهام ملغمة تبدأ بالتشكيك فيك وتنتهي بطعنك من الخلف؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أن ترى ملامح التوتر في وجوه من يصفقون لنجاحك وعيونهم ترمي بالشرر؟ ماذا يعني أن تكون حزينا؟ أن ينال من سيرتك الأوغاد دون أن ترميهم بنفس الحجر؟ أن يتهكم بك من هم دونك؛ ليزلزلوا ثقتك بنفسك؟ ماذا يعني أن تكون حزينًا؟ ** ** - د. زكيّة بنت محمّد العتيبي