كان تفتيت منظومة مجلس التعاون الخليجي خاصة، وإحداث حالة متواصلة من الفوضى في الوطن العربي، أحد الأهداف التي وظفت لها قناة الجزيرة مئات البرامج وآلاف الساعات خدمة لأحلام النظام القطري التآمرية، إلى جانب ما سعت إليه عبر برامجها عاماً تلو آخر من لزعزعة استقرار دول المنطقة باستثناء (قطر) منتهكة بذلك النظام الأساسي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وميثاق جامعة الدول العربية، وميثاق منظمة التعاون الإسلامي، وميثاق الأممالمتحدة، والأعراف المهنية والأخلاقيات التي تقوم عليها مهنة الإعلام، لكونها قناة تسعى إلى نشر ثقافة الفوضى وترويج الإشاعات والتحيّز إلى كل ما من شأنه نشر الفوضى والدمار، وتقويض أمن الشارع الخليجي والعربي، إضافة إلى دعم التنظيمات والجماعات الإرهابية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، في انتهاك صارخ لما يمليه القانون الدولي على وسائل الإعلام من وجوب التعاون الوثيق في محاربة الإرهاب، والتقيد بالاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تجرم الإرهاب بمختلف أشكال صور دعمه وتمويله. «جزيرة» الاستخبارات! في سياق هذا الشكل من التآمر، أورد الزميل الدكتور حمد العيسى في كتابه: «نهاية عصر الجزيرة» ما وثقه في القسم الأول من كتابه عن (تفكيك قناة الجزيرة)، مما أورده الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لكلية الحرب للجيش الأمريكي البروفيسور أندرو تيريل، في مقال نشره قبل ما سمي ب(الربيع العربي) الذي نشره تحت عنوان: «كيف تستفيد أمريكا من قناة الجزيرة؟»، الذي يرصد في مقالته علاقة قناة الجزيرة بالولاياتالمتحدةالأمريكية ويتحدث عن عديد من التهم الموجهة للقناة سواء من منظور دول وسياساتها، أو من منظور الجماعات المتطرفة كالقاعدة وغيرها.. وقد جاء في مقالة تيريل ما نصه: «القطريون نجحوا في مواجهة الضغوط الخارجية، ومساعدة الولاياتالمتحدة في تحقيق أهدافها العسكرية بفضل حماية «قناة الجزيرة» المعنوية والسيكولوجية، وما توفره لأمير قطر من شهادة بحسن السيرة والسلوك أمام الجماهير العربية المتطلعة للحرية التي تقدمها قناة الجزيرة، وبالإضافة إلى ذلك، أصبح على نقّاد دور قطر الجديد الموالي لحروب أمريكا، وهم من خصوم الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن يفهموا حقيقة أنهم سيعارضون دولة يمكن أن تدافع عن نفسها سياسياً بقوة وعنف عبر قناة الجزيرة، التي تصل إلى أكثر من (50) مليون نسمة؛ فبالإضافة إلى استعدادها لتحقيق مصالح الولاياتالمتحدة، فإن قطر أصبحت - أيضاً - دولة رئيسة في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وتسعى لحل «معتدل»، وهو دور سيكون صعباً بدون الحماية المعنوية والسيكولوجية التي توفرها قناة الجزيرة لساسة قطر، وقد بدأت قطر بعلاقات تجارية مع إسرائيل منذ عام 1996م وهي السنة نفسها التي تأسست فيها القناة» الجزيرة «العبرية»! ومضى تيريل في مقالته متحدثاً عن التطورات التي شهدتها العلاقات القطرية الإسرائيلية عبر وسيطهما قناة الجزيرة، التي يوّصف الكاتب تجذّرها في هذا اللون من الامتدادات المسيسة بالدرجة الأولى سياسة تعمل ضد منظومة مواثيق دول مجلس التعاون الخليج، ومضادة -أيضاً- لمواثيق جامعة الدول العربية، ما جعل من هذه الأداة القطرية السافرة في رؤيتها التآمرية في أهدافها محل نقد ورفض عالميّ، إذ يقول تيريل في مقالته: «لقد أظهرت قناة الجزيرة استجابة لبعض الاعتراضات الغربية المحددة في الماضي، وصلت لدرجة طرد صحفيين لا يتمتعون بالمسؤولية، بالإضافة إلى ذلك فإن جهود الولاياتالمتحدةالأمريكية للضغط على القطريين لكي يمارسوا سيطرة ورقابة صارمة على قناة الجزيرة سيكون من شأنه تأكيد مزاعم خصوم الولاياتالمتحدة الذين يرددون أن الولاياتالمتحدة لا تدعم الديمقراطية في العالم العربي، ما لم تخدم تلك الديمقراطية أهداف الولاياتالمتحدة في المقام الأول»، ما يشعر قارئ المقالة بأن الكاتب يتحدث عن كيان استخباراتي تآمري لا عن قناة أنشأتها حكومة قطر، واحتضنت المهجّرين والمهرجين فيها بدعم وتمويل تعكس إرادة السياسة في قطر، وتجسد استمرارها وإصرارها على الاحتفاظ بقناة الجزيرة بوصفها أحد رؤوس حرباتها التي تطعن بها (غادرة) الأشقاء من مختلف الدول الخليجية والعربية والإسلامية!. الانحياز للإرهاب! مما وثقّه كتاب الزميل العيسى (نهاية عصر الجزيرة) مقالة للكاتب المغربي محمد بنحمو، نشره بالإنكليزية في 13 ديسمبر 2013م، على موقع (المغرب أخبار العالم) الإنكليزي، الذي جاء منه: «في السنوات الأخيرة تحولت قناة الجزيرة بوضوح إلى من قناة مستقلة، إلى أداة لخدمة أهداف وزارة الخارجية القطرية، وتحولت مؤخراً إلى بوق بربوغاندا غير رسمي لجماعات فاشية كالإخوان المسلمين، فتسبب هذا التغيير في الأهداف والاستراتيجيات لقناة الجزيرة لتصبح من بين القنوات الأقل مشاهدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد تربعها في الصدارة لمدة عشر سنوات، وعلى الرغم أن جميع الدراسات التي أجريت مؤخراً، تبين أن قناة الجزيرة خسرت ب(جدارة) جماهيريتها في عديد من البلدان العربية، إلا أنه يبدو أن إدارة قناة الجزيرة تعيش في «حالة إنكار»، ولذلك تواصل قناة الجزيرة الإشارة إلى استطلاعات ودراسات وهمية، لا بل غير موجودة ولم تحدث مطلقاً تصنّف قناة الجزيرة بالقناة الأكثر مشاهدة في بلدان الشرق الأوسط!». إفلاس مباشر! نقف على هذه الشهادة التي لم تكتب خلال هذا العام 2017م، حتى لا يتم وصف ما يتناوله التقرير بأنه ردود آنية، متزامنة مع الأزمة القطرية، فكما قالت العرب قديما: «ما يوم حليمة بسر!» الأمر الذي يعكس توجهات القناة، وما أصبحت تمثله من جسر إعلامي للجماعات الفاشية وفي مقدمتها جماعة «أعدوا» التي جعلت من يوسف القرضاوي مفتياً لمن لا مفتي له، عبر مذيعين الجماعة نفسها وفي مقدمتهم أحمد منصور المصنف ضمن أبواق الجماعة وأجندتها، ما جعل من القناة بوقا يلحن (جوقة) في أبشع وأشد ما تكون صور النشاز، نتيجة لما يقف خلفها من أيد ذات أديولوجيات متباينة كل منها تريد أن يكون لها نصيب برامج من البوق الصفراء، التي يؤكد بنحمو، أن القناة تكشفت للمشاهد العربي عن أنها تحولت إلى أداة من أدوات الخارجية القطرية، التي يرى الكاتب فيها حياداً عما بدأت به، إلا أن الحقيقية أنها لم تحد، وإنما بدأت منذ ذلك الحين تتكشف رؤيتها ورسالتها التي من أجلها أنشأها النظام القطري، لتكون (لسان) خارجيته، وامتداداً لمؤامراته على دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى كافة الدول العربية والإسلامية، فيما يؤكد الكاتب - أيضاً – وفي نفس العام التراجع الكبير في مشاهدة القناة التي انكشف قناعها للمشاهد العربي، ما جعلها قناة (خاسرة) بجدارة، إلا أنها في المقابل (ممولة) بجدارة أكبر من القيادة القطرية التي تنفق أكثر من سبعين مليون دولار سنوياً على قناة الجزيرة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة للتراجع الكبير في مشاهدتها، إضافة إلى ما يثبته - أيضاً - أوحمو، من ممارسة القناة للتضليل بدراسات واستطلاعات مزيفة، لكون التضليل والتدليس والتزييف بعض من القيم المهنية الخاصة بقناة الجزيرة!. قناة «الرأي» الحمديّ! أما عن أساليب أديولوجيا القناة التي تتخذ من أي حدث فرصة لخدمة أهدافها التي بدورها تحقق أجندة السياسة القطرية، أضاف بنحمو في مقالته عن أحداث مصر: «بدلا من تغطية الأحداث بحيادية ومهنية، اختارت القناة أن تتحول إلى بروباغاندا للإخوان المسلمين! ولذلك يمكن وصف تغطية الجزيرة للأحداث في مصر بأي وصف باستثناء «مهني»، فقد تخلت الجزيرة ببساطة عن شعارها الذي كان سبب شهرتها وجماهيريتها «الرأي والرأي الآخر»، وتحول الشعار إلى «الرأي الواحد فقط!»، فلقد توقفت قناة الجزيرة تقريباً عن استضافة السياسيين والمختصين من أصحاب الآراء المتعارضة، وأصبحت تبث (فقط) آراء الأشخاص الذين يتحدثون باسم جماعة الإخوان المسلمين، كما أصبحت تضيق بالمشاهدين المصريين الذين يتصلون بالقناة للتعبير عن دعمهم للجيش في مواجهته ضد الإخوان المسلمين، وتقطع الاتصال بدون أي تفسير!». عصر الاستقالات الجماعية وفي سياق تحيز قناة الجزيرة، التي أصبحت أديولوجيتها السافرة المبتذلة مكشوفة لعامة الجماهير قبل خاصة نخبهم، قال بنحمو:»بسبب تغطيتها المتحيزة، لم تفقد الجزيرة المشاهدين، ولكنها فقدت -أيضاً- الكثير من مذيعيها الموهوبين، ففي السنوات الثلاث الأخيرة شهدت القناة مغادرة جماعية للعديد من كبار الصحفيين والمراسلين الذين صرحوا في وقت لاحق أن القناة قد كشفت عن وجود أجندة سياسية واضحة، فوفقاً ل(رويترز)، غادر أكثر من (30) موظفا الجزيرة منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، فعلى سبيل المثال استقال من القناة اثنان من مراسلي الجزيرة، حجاج سلامة، كارم محمدود، احتجاجاً على ما وصفاه ب«بث الأكاذيب وتضليل المشاهدين»، وانتقد عديد من المعلقين الجزيرة، وهاجموها لدعمها جماعة الإخوان المسلمين في تغطيتها لأحداث مصر، ومع ذلك أعتقد أن المحطة لديها الحق في اعتماد أي خطة تحرير يلبي رغبات مجلس إدارتها، ولكن لا يحق لها بث الأكاذيب وتقديم أنصاف الحقائق وتشويهها». شهود على النهاية! وصلت إليه الجزيرة من ممارسات إعلامية ضربت بكل أعراف الإعلام وأخلاقياته عرض حائط أديولوجيتها الخاصة، التي كان لجماعة الإخوان المتطرفين نصيبهم من برامجها ودعمهم وتأييدها لهم لتصبح أول المزيفين لحقائق لمخططات الإخوان في مصر وفي مختلف الدول العربية والإسلامية، ولتكون -أيضاً- وأول المروجين لفكره، وأول المدافعين عن مؤامراتهم السياسية، بالنظر على أهداف القناة التآمرية التي يعد الإخوان أحد أجندتها التي تخدم -أيضاً- حلم القيادة القطرية التآمري، إلى جانب الانحياز الفج لجماعة أعدوا الإرهابية نظراً لوجود فلول الجماعة داخل قناة الجزيرة، عطفاً على تغلغل الإخوان في الكيان القطري بمختلف مؤسساته، للسيطرة والتأثير على مفاصل القرار فيه، الأمر الذي جسده منذ سنوات، كما رصده أوحمو، الذي أكدته (الاستقالات الجماعية) لمنتسبي القناة، إلى جانب (الشهادات) التي سجلها مذيعو ومراسلو القناة، وأعلنوها على رؤوس الأشهاد، كاشفين اللثام عن حجم التزييف والتضليل والأكاذيب التي مارستها وما تزال تمارسها قناة الإرجاف القطرية!.