بعدما هجر الفرس والروس 6.5 مليون سوري عربي سني خارج سوريا ومثلهم داخل سوريا اقتلعوا من ديارهم في أكبر عملية تطهير طائفي علنية تنقل على الهواء مباشرة وذلك بعد أن عجز الأسد عن القيام بهذه المهمة القذرة، زعم الأسد في خطابه الأخير أن سوريا أصبحت متجانسة ديموغرافيا وأن عملية «التنظيف» الديموغرافي اكتملت، هذا الخطاب الذي استعجل فيه الأسد إعلان انتصار لم يتم بعد ولم يكن له فيه أي دور حاسم إلا إذا اعتبرنا شرعيته المزعومة دورا خوله استدعاء الروس والفرس وعملائهم من العصابات الطائفية العربية إلى سوريا للقيام بما عجز عنه هو وعصابته من إبادة وتهجير السوريين والذين (أي الفرس والروس) كانوا سوف يأتون على أي حال سواء إن شاء الأسد أم أبى، حيث إن ما يجري في سوريا منذ 15- 3-2011 وإلى الآن هو أمر أكبر بكثير من الأسد وعصابته وحتى أكبر من إيران وكل عملائها من الشراذم الطائفية، حيث لا يشكل كل هؤلاء مجتمعين سوى أدوات في مشروع غربي صهيوني أكبر منهم بكثير. لكن لو عدنا إلى تصريح الأسد بأنه نظف سوريا ديموغرافيا (وهذا يعني الأغلبية السنية) الذين كل ذنبهم أنهم طالبوا بالتحرر من حكم أقلوي طائفي متوحش ألا يحق لنا أن نسأل ماذا لو حدث العكس وأعلنت إحدى الدول العربية التي لديها أقليات (وليست أغلبية كما هي الحالة السورية) طائفية ثبت عمالتها لإيران ضد أوطانها بالأدلة الدامغة كما هو الحال مع الحوثي في اليمن وحزب الشيطان في لبنان وبعض الطائفيين العملاء في البحرين أقول ماذا لو أعلنت هذه الدولة أنها نظفت الوطن من هذه الأقليات العميلة بالتهجير والإبادة كما يفعل الأسد وحلفاؤه الآن بالسوريين، كيف ستكون ردة فعل المجتمع الدولي الذي لم يتحمل قصف أهداف مدنية عن طريق الخطأ أو بسبب إحداثيات مريبة كما حدث مع التحالف العربي في اليمن مرات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، هذا المجتمع الدولي نفسه الذي لم يتحمل هذه الأخطاء والتي تحدث في كل الحروب يسكت عن تعمد الأسد وحلفائه والروس تدمير أحياء كاملة بل مدن كاملة بحجرها وبشرها قصفا بالطائرات والبراميل المتفجرة العشوائية والأسلحة الكيماوية والصواريخ بعيدة المدى وكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا التي أدت حتى الآن إلى استشهاد أكثر من نصف مليون مواطن سوري بريء وهجرت أكثر من 12 مليون آخرين في داخل وخارج سوريا، والشيء نفسه فعله الحوثي في اليمن والعصابات الطائفية في العراق، كل هذا الإجرام حدث تحت ذريعة محاربة الإرهاب التي لم أجد أكذب منها. لقد فضح الأسد بتصريحه الوقح هذا تآمر المجتمع الدولي الذي سمح له ولحلفائه بالقيام بعملية التنظيف الطائفي القذرة والتي يفاخر بها الآن في ظل صمت دولي كامل. هذا المجتمع الدولي المتآمر والذي عمليا كتَّف الشعب السوري عن طريق حرمانه من السلاح المناسب للدفاع عن نفسه في وجه همجية وتوحش الأسد وحلفائه وعن طريق التغاضي (وربما المساهمة) في إدخال الإرهاب السني إلى الثورة السورية الذي عمليا مزق ثورة الشعب السوري وحرفها عن مسارها الصحيح وكان هذا الإرهاب الأسود أحد أهم الأسلحة بيد الأسد وحلفائه والتي ساهمت في إبادة السوريين وتهجيرهم وإفشال ثورتهم، إضافة طبعا إلى المؤتمرات العبثية التي نظمها المجتمع الدولي لإعطاء الأسد وحلفائه كل الوقت الذي يلزمهم للوصول إلى ما وصلت إليه ثورة الشعب السوري من حالٍ بائسة، كل هذا جعل من الشعب السوري فريسة سهلة لحقد الطائفيين والفرس وتوحش الروس الذين جعلوا من بيوت وأجساد السوريين ميدان رماية وتجارب لأسلحتهم الجديدة كما أعلن الروس أنفسهم عن ذلك علناً مرات عديدة، وقبل كل هذا لابد من الإشارة إلى الدور الروسي الصيني في بداية الكارثة السورية الذي أدى إلى استعمال حق النقض في مجلس الأمن مرات عدة لحماية المجرم من الحساب، هذا الدور الذي لم يكن ممكنا لولا تخاذل بل تآمر الولاياتالمتحدة مع الروس وقد كتبت عن ذلك في حينه، وبعد أن فشل كل هذا التآمر الدولي وفشل الأسد وحلفائه الفرس وأذنابهم الطائفيين أتى الضوء الأخضر الأميركي الذي سمح بالتدخل الروسي الحاسم والذي قلب كل الموازين على الأرض وسمح للأسد وشراذم الطائفيين العرب أمثال حزب الشيطان في لبنان والميليشيات الشيعية العراقية بالتبجح بانتصار زائف صنعه الروس لوحدهم مباشرة على الأرض السورية وسمح به الأميركان، ولولا هذا لما كان هذا الانتصار الذي لم يكتمل بعد ممكناً على الرغم من كل تآمر العالم مع الأسد على الشعب السوري. لكن وعلى الرغم من كل هذا التآمر الدولي الواضح لتغليب الأقليات في المنطقة فإنني واثق أن هذا المشروع الخبيث مصيره الفشل الذريع خلافا لما حدث عند بداية تنفيذ مؤامرة سايكس بيكو قبل قرن، حيث إن هذا المشروع يحمل بذور فشله في داخله لأنه مشروع تقسيمي طائفي ولأنه أسس لأحقاد طائفية مشروعة لدى الأغلبية الكاسحة من شعوب المنطقة على الأقلية الطائفية بينما سايكس بيكو قسمت المنطقة سياسياً وجغرافياً دون إثارة هذا الكم الهائل من الأحقاد الطائفية. وهذا باعتقادي سوف يكون سبب فشل مشروع تغليب الأقليات وهو كذلك نقطة الاختلاف الحاسمة عن سايكس بيكو، والتاريخ خير شاهد فلقد حاولت هذه الأقليات مرات عدة حكم المنطقة أو حتى أجزاء منها بهذه العقلية الطائفية وقد كان مصيرها الفشل. أعيدوا قراءة التاريخ.