كانت وزارة التعليم أقل بطئاً من مجلس الشورى في وضع نهاية لموضوعٍ ظل محلَ نقاشٍ طويل على مدى عشرات السنين، وهو إدخال مادة التربية البدنية ضمن المواد الدراسية أو الأنشطة اللاصفيَّة في مدارس البنات. وقد أصدرت وزارة التعليم في الأسبوع الماضي بياناً ذكرت فيه أنها سوف تقوم بتطبيق برنامج الرياضة المدرسية للبنات في العام المقبل. وبعيداً عن التفسيرات اللاحقة للتصويت الذي جرى في مجلس الشورى والذي، في أحسن الأحوال، لم يَستثمر مناسبةَ طرح الموضوع، كي يؤكد على أهمية الرياضة لجميع المواطنين السعوديين ذكوراً وإناثاً من خلال إصدار توصية صريحة بإدخال مادة التربية البدنية ضمن المنهج الدراسي للبنات أو على الأقل ضمن الأنشطة اللاصفيَّة. وبدلاً من ذلك دخل الجميع في متاهة إجرائية عمّا إذا كانت تلك الجلسة التي تم فيها التصويت هي الجلسة المناسبة لمناقشة الموضوع أم لا، في حين كان الأمل في المجلس أن يكون سَبَّاقاً ومُبادراً في تبني موضوعٍ تأخر كثيراً تطبيقُه. فالواقع أن وزارة التعليم، منذ أن كان اسمها وزارة المعارف، سَبَّاقة في طرح هذا الموضوع للنقاش وكان توجهها واضحاً وبخاصة عندما كان المرحوم الدكتور محمد الأحمد الرشيد على رأس الوزارة. ومعروفٌ أن الدكتور الرشيد قد تبنى هذا الموضوع قبل حوالي ربع قرن حتى قبل أن يصبح وزيراً للمعارف، وقصته مشهورة ومعروفة حين كان مستشاراً لدى الرئاسة العامة لتعليم البنات وطَرَحَ المبادرة الشهيرة عن رياضة البنات في أحد المؤتمرات الرسمية التي عُقِدت في ذلك الزمان ما أدى إلى انتهاء علاقته الاستشارية مع الرئاسة، وتفاصيل هذه القصة وما جرى بعدها يمكن الرجوع إليه في بعض كتابات ومقابلات الدكتور محمد الرشيد - رحمه الله - وفي كتابات غيره مِمَّن تناولوا هذا الموضوع. بعدما تم تعيينُ الرشيد وزيراً للمعارف ودمجُ تعليم البنات مع الوزارة حاول، ضمن مشروعه التطويري، إدخال التربية البدنية إلى مدارس البنات، إلا أن الظروف كانت أقوى منه. وقد ناله أذىً كبيراً بسبب مبادرته، وكالعادة كانت التُّهم جاهزة. وقد عادت بي الذاكرة إلى تلك الفترة حين قرأت بيان وزارة التعليم، فأسعدني أن تكون الوزارة وفيَّة لالتزامها القديم بتطوير التعليم رغم تقادم العهد منذ طرح فكرة التربية البدنية في مدارس البنات لأول مرة، فهي وإن لم تَحسم هذا الموضوع بالسرعة المطلوبة إلا أنها كانت، كما ذكرت في مقدّمة المقال، أقل بطئاً من مجلس الشورى ومن جهات أخرى كان يُعوَّل عليها لتبني الموضوع ودعمه. غيرُ واضح حتى الآن كيف ستكون تفاصيل برنامج الرياضة البدنية للبنات ومدى جاهزية المباني المدرسية وتوافر الكوادر البشرية وغير ذلك من التفاصيل والعقبات التي لن يكون من الصعب تذليلها. فالمهم أن القرار قد تم اتخاذه، وأن الطالبة السعودية لن تكون مسلوبة الحق بعد اليوم في ممارسة النشاط الرياضي. لقد أصبحت أخيراً مثل بقية الطالبات في مدارس العالم الإسلامي. فألف مبروك!