في المسافة بين 30 يونيو 2013م و30 يونيو 2017م ما يتجاوز السنوات الأربع التي تؤشر إلى عمق ذلك اليوم الذي استعاد فيه الشعب المصري مؤسساته وهيئاته السياسية العُليا من قبضة جماعة الإخوان، ما حدث في ذلك التاريخ أعمق من أن يتم استيعابه حتى مع إفرازات الكشف عن خبايا الدور القطري وتمويل الجماعة المتطرفة أيدلوجيًا فهذا جزء من مجرد الكشف الإعلامي بينما يبدو أن موقف المملكة العربية السعودية في ذلك التاريخ هو العنصر الأكثر عمقًا في المفهوم السياسي الصِرف، تأييد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- للثورة الشعبية المصرية كان مفصلاً تاريخيًا في تحقيق الأمن القومي العربي وحمايته وصيانته. في هذا السياق لا يجوز كذلك تجاوز مواقف دول الإمارات والكويت والبحرين، وبالعودة لذلك العمق الذي رجح انتصار ثورة 30 يونيو في مصر على العرب من الخليج إلى المحيط استعادة السنة التي اختطفت فيها مصر بحضاراتها وريادتها القومية العربية، وكيف تحولت (مصر العروبة) إلى (مصر الخلافة) أو إلى مصر المتأسلمة سياسيًا. قبل أن يزاح الرئيس المعزول محمد مرسي من قصر الاتحادية كشف عن صورتين تتعاكسان ولا يمكن للبُعد المصري القومي أن يستوعبهما حتى وإن مرت هذه السنوات الأربع، الصورة الأولى محمد مُرسي في عاصمة الجمهورية الإسلامية طهران، صورة لا تستقيم إلا عند جماعة الإخوان وحدهم، ليس مهمًا الشعارات المرفوعة وليس من المهم كذلك تلك الخطابات التي يطلقها كل فريق، فالصورة تقول إن مصر في أحضان الفُرس هذا مشهد أول لا ينتهي بغير المشهد المعاكس له الرئيس المعزول مُرسي في أحضان الأتراك مشهد آخر حول ما تحمله الأجندات الثلاث (الإيرانية والعثمانية والإخوانية) فالجميع يؤمن بالخلافة ويمحو الحدود للدولة الوطنية لتبقى فقط دولة واحدة هي الحاكمة. بتساؤل البعض حول جماعة الإخوان هل هي بذرة تركية أم إيرانية؟، الإيرانيون كالأتراك وجدوا في جماعة الإخوان حصان طروادة، نفخت هذه القوى في رياح العام 2011م فتصدعت أنظمة عربية وتهاوت بالفعل سوريا واليمن وليبيا، وتأثرت تونس والبحرين، وسقطت بالفعل مصر في فخ الجماعة الإسلامية، أوشكت القوى المتربصة بالعالم العربي على تحقيق غايتها من الفوضى التي أوكلَّ إلى قطر دعمها بالمال والإعلام. 30 يونيو ليس يومًا مصريًا بل يوم عربي كبير، موقف السعودية والإمارات كان مبنيًا على ثوابت حماية البيت العربي فكيف يكون البيت العربي من دون مصر، صحيح أن العالم العربي يعيش أزمات متوالية خلال العقود الماضية لكن هذا لا يمنع مواصلة حماية البيت العربي، فالشقيق المصري كان يستحق أن يجد من أشقائه العرب ذلك الموقف، وعلى المصريين دائمًا أن يتذكروا أن 30 يونيو ليس لهم وحدهم فلكل العرب نصيب من ذلك اليوم العظيم.