من أكثر العوائق التي تقف أمام نجاح الرؤى والاستراتيجيات، حدوث انفصال بين من يتبنى إعداد وصياغة تلك الرؤى والاستراتيجيات ومن يتولى تنفيذها، أو من يقوم بالإشراف على التنفيذ ومتابعته. هذا الانفصال يحدث لأسباب عدة لعل أبرزها انشغال من يقف وراء هذا الموضوع بأمور ومشاغل أخرى تصرفه عن المتابعة والتأكد من تنفيذ الرؤى والاستراتيجيات بالطريقة التي أريد لها أن تكون، أو انتقاله الى عمل آخر، وتكليفه بمهام أخرى تجعل التنفيذ يكون بيد آخرين، ربما لا تتوفر لديهم المعرفة الكافية، أو ينقصهم الحماس المطلوب للتنفيذ. كان هذا السؤال يثار من وقت لآخر، منذ اعتماد رؤية المملكة2030 في شهر ابريل من العام الماضي، وذلك خوفا من انشغال عراب الرؤية ومهندسها الأمير محمد بن سلمان بأمور أخرى، أو تكليفه بمهام قد تبعده عن الاشراف على تطبيق الرؤية ومتابعة تنفيذها. هذا السؤال كان مهما وجوهريا، وبالذات أن الرؤية لم تكن تعديلا بسيطا في مسار قائم، ولكنها حملت على عاتقها تحولا كاملا في العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وشملت العديد من المبادرات والبرامج، التي من الصعوبة، بل من الخطورة توقفها في منتصف الطريق، وذلك لانعكاساتها السلبية المتعددة. كان الشغل الشاغل للمختصين والمهتمين، التأكد من الطريقة التي سيتم من خلالها تنفيذ الرؤية، وكيف ستتم متابعة برامجها ومبادراتها للوصول الى الأهداف المرجوة منها، وبالذات أنه سبق وان أعتمد لدينا العديد من الخطط التنموية والبرامج التي خصص لها ملايين الريالات لتتعثر عند التنفيذ. الإجابة على هذا السؤال جاءت من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، صباح يوم الأربعاء الماضي، حينما أعلن تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، بناء على موافقة هيئة البيعة. هذا التعيين، الذي تحدث الكثير من الكتاب والمحللين عن جوانبه الإيجابية على استقرار بيت الحكم السعودي، ودوره في سلاسة انتقال السلطة، وانعكاساته على الوضع الداخلي والخارجي للمملكة، له جانب مهم يرتبط بالرؤية وضمان تطبيقها على الوجه الصحيح باذن الله. هذا التعيين وضع الشخص المسؤول عن الرؤية ورئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنموية، وهي الجهة المعنية بالرؤية، في موقع قيادي أعلى يمكنه من الدفع بالرؤية الى الأمام، والاشراف على تطبيقها، وتذليل كافة العوائق التي قد تعترضها، بل، وهذا أمر لا يقل أهمية عما ذكر، تعديل مسارات الرؤية، ومعالجة ما قد يتضح من أخطاء أو مناحي قصور، حينما يتطلب الأمر ذلك واتخاذ القرارات الضرورية المطلوبة.