أعلن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أمس تفاصيل إطار حوكمة تحقيق رؤية المملكة 2030 بشكل متكامل بعد تطويره، استناداً إلى تكليف مجلس الوزراء بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتحقيق الرؤية. ويهدف تطوير إطار حوكمة تحقيق الرؤية إلى ضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة، بما يمكّن المجلس من المتابعة الفاعلة، من خلال تحديد الأدوار والمسؤوليات إضافة إلى آليات التصعيد. وقسم الإطار الأدوار والمسؤوليات إلى ثلاثة أقسام، أولها: مستوى رسم التوجّهات والاعتماد، ويشمل هذا المستوى ثلاث جهات معنية، هي مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يتولى بناءً على تفويض مجلس الوزراء وضع الآليات والترتيبات اللازمة لتحقيق الرؤية، ويشمل ذلك رسم الرؤى والتوجّهات والبرامج والرفع بها، والبت في ما يطرأ على البرامج والمبادرات من تعديل أو تحديث، كما يتولى البتّ في ما من شأنه إعاقة تحقيق البرامج التنفيذية لأهدافها في ما يقع ضمن اختصاصاته. والجهة الثانية هي اللجنة المالية التي تتولى وضع وتحديث آليات اعتماد تمويل البرامج والمبادرات، بما في ذلك تطوير إطار النفقات متوسطة المدى، وإعداد وتحديث الآليات التفصيلية التي يتم من خلالها اعتماد المتطلبات المالية للبرامج والمبادرات، ويشمل ذلك درس المتطلبات المالية للبرامج والمبادرات وتخطيط التدفقات النقدية لها والرفع في شأنها. أما الفريق الإعلامي بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية فيتولى ترسيخ الصورة الذهنية لرؤية المملكة 2030، ويشمل ذلك توحيد الرسائل الموجهة إلى الرأي العام وتصحيح ما قد يكون خاطئاً منها وتطوير الخطط الإعلامية للرؤية، والبرامج التنفيذية المرتبطة بها لإطلاقها للجمهور تعزيزاً لمبدأ الشفافية. وبحسب تفاصيل إطار الحوكمة، فإن هناك خمس جهات تتولى تحديد مستوى تطوير الاستراتيجيات الخاصة بتحقيق الرؤية، أولها اللجنة الاستراتيجية بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، التي ستتولى مسؤولية تقديم الدعم في الشؤون الاستراتيجية للمجلس، بما في ذلك اقتراح صياغة الاستراتيجيات المحققة للرؤية وترجمتها إلى برامج تنفيذية، ومتابعة تنفيذها، وذلك من خلال إشرافها على مكتب الإدارة الاستراتيجية، ودراسة كل ما يرفعه المكتب إليها. كما تتولّى اللجنة دوراً مهماً في حل العوائق والمشكلات التي تواجه تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع المحققة لتوجهات المجلس من خلال البت في ما يرفعه إليها مكتب الإدارة الاستراتيجية أو القيام برفعه إلى المجلس للبتّ فيه. وتعقد اللجنة اجتماعاتها بدعوة من رئيسها مرة واحدة كل ثلاثة أشهر على الأقل، أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك بحسب ما يقدره رئيس اللجنة. والجهة الثانية هي مكتب الإدارة الاستراتيجية في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذراع التنفيذية للجنة الاستراتيجية، ويتولى دراسة وتحليل سبل ترجمة الرؤية إلى خطط وبرامج تنفيذية ومن ثم الإشراف والمتابعة المستمرة على تقدم تلك الخطط والبرامج التنفيذية، ومدى تحقيقها لمستهدفاتها من خلال التقارير الواردة إليه. كما يعمل المكتب على تحديد الفجوات والرفع إلى اللجنة الاستراتيجية بشكل دوري بما يرى ملاءمته من توصيات، ويقوم بدور مهم في تذليل العقبات والمشكلات التي تُصَعَّد إليه ودراسة أسباب تأخر أو تعثر المبادرات (إن وجدت)، وإعداد ملف متكامل سعياً نحو إيضاح الحقائق وتقريب وجهات النظر والبت فيها أو رفعها إلى اللجنة الاستراتيجية في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للنظر في شأنها. أما مكتب إدارة المشاريع في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، فإنه يقوم بمتابعة المشاريع والقرارات التي يصدرها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويشمل ذلك مدى تحقيق أهداف والتزامات الرؤية، وما يراه المجلس من أولويات أو مبادرات نوعية ضمن البرامج التنفيذية الساعية إلى تحقيقها. وتتضمن مهمات مكتب إدارة المشاريع في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية التأكد من تطبيق منهجيات إدارة المشاريع وتقسيمها إلى محافظ وتحليل الاعتمادات والمخاطر المرتبطة بذلك بما يدعم تحقيق النتائج المرجوة، إضافة إلى توليه مسؤولية متابعة سير المعاملات من وإلى المجلس والعكس، والقيام بالتواصل مع الجهات في هذا الصدد لجمع التقارير الخاصة بذلك، والتي تمكنه من متابعة التنفيذ وإدارة المخاطر ويشمل ذلك تعريف التحديات وتصعيدها ومتابعة مدى التزام الجهات ذات العلاقة بالتعاون وقيامها بمسؤولياتها وتسهيل تنفيذ البرامج، والرفع لمكتب الإدارة الاستراتيجية بشكل دوري. أما وزارة الاقتصاد والتخطيط فتمثل الجهة الداعمة للجهات ذات العلاقة والأجهزة الحكومية في التخطيط الاستراتيجي والتنفيذي، وذلك بناءً على توجيه من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أو في حال طلب الجهات ذلك. كما توفّر الوزارة المعلومات اللازمة من بيانات وإحصاءات ودراسات إلى الجهات ذات العلاقة، وتعمل على مواءمة الخطط القطاعية والمناطقية بين الجهات ذات العلاقة. وأوضح إطار حوكمة تحقيق الرؤية أن الجهة الخامسة هي مركز الإنجاز والتدخل السريع الذي يمثل الذراع الداعمة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في عمله مع الجهات التنفيذية بغرض تحقيق الرؤية، وذلك من خلال تقديم الدعم في تصميم المبادرات وإنجازها وتنفيذها. ويتدخل المركز بناءً على توجيه من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في حال التعثر في تنفيذ أي من المبادرات المشمولة في البرامج التنفيذية المحققة للرؤية، ويقوم برفع تقارير دورية للمجلس حول البرامج والمشاريع والمهمات التي تم تكليفه بها. جهات التنفيذ والتطوير حدد إطار حوكمة رؤية المملكة 2030 مهمات الجهات التنفيذية لرؤية المملكة 2030 من وزارات وهيئات وأجهزة حكومية، وخصوصاً أنها المعنية في المقام الأول بتطوير وتنفيذ البرامج والمشاريع والمبادرات، وتنسيق الجهود والتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى في سبيل تحقيق النتائج المرجوة. وأكدت أن رئيس كل جهة هو المسؤول الأول عن الإنجاز وحل الإشكالات والتحديات الداخلية التي تعيق تحقيق الأهداف وإنجاز المبادرات، ويشمل ذلك رفع التقارير وتوفير المعلومات للجهات ذات العلاقة. كما حدد إطار حوكمة تحقيق الرؤية، المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة جهة ثانية معنية بقياس مستوى الإنجاز، إذ يناط بالمركز تعزيز الشفافية لجميع الأطراف ذات العلاقة عبر متابعة مدى التقدم الحاصل في تنفيذ البرامج والمبادرات وتحقيق المستهدفات، وقياس مستوى التقدم بشكل دوري، بما في ذلك التحقق من مدى التزام الجهات بتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة، وإبراز أي تعثر أو تأخير في تقدم تنفيذ المبادرات والرفع بذلك إلى الجهات ذات العلاقة بشكل مستمر. كما يتولى المركز إشراك المجتمع في متابعة أداء البرنامج والأجهزة المعنية من خلال نشر لوحات مؤشرات الأداء وتقارير دورية مدققة حول مختلف البرامج التنفيذية المحققة للرؤية، كما يعمل المركز كذلك على بناء وتفعيل آليات متابعة وقياس أداء الأجهزة العامة ضمن الجهات المنفذة للبرامج والمبادرات. مسؤولية حل العوائق تقع على الأجهزة التنفيذية وضع إطار حوكمة تحقيق رؤية المملكة 2030 آلية للتصعيد بهدف حل الإشكالات التي قد تواجه التنفيذ، وتصعيد كل ما من شأنه أن يعوق تحقيق الأهداف المرجوّة ضمن منظومة حوكمة الرؤية. واعتمد الإطار آلية تضع مسؤولية حل العوائق على الأجهزة التنفيذية في المقام الأول، وتعزّز من تحمّل تلك الجهات لمسؤولياتها، وترفع درجة إحاطة الجهات المعنية بأسباب تأخر أو تعثر تنفيذ المبادرات، وتفعل دور المساءلة والمحاسبة في حال تطلّب الأمر ذلك. ويتم ذلك وفق مستويات عدة بحسب عمق وتعقيد المشكلات والفترة الزمنية اللازمة لحلّها، إذ تقع مسؤولية التصعيد على كل جهة في مستويات التصعيد بناءً على ما يتطلّبه حل المشكلة وبشرط ألا تتجاوز مدّة حل العوائق وتفاديها في أي جهة أسبوعين، وبمتابعة من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتهدف هذه الآلية إلى رفع كفاءة الإنجاز وسرعة حل المشكلات. وحددت آلية التصعيد ضمن إطار حوكمة تحقيق الرؤية أربعة مستويات ووضع مدة زمنية محدده ب14 يوماً لحل المعوقات قبل تصعيدها للمستوى الذي يليه. ويتضمن المستوى الأول حل العوائق والتعامل معها داخل الجهة المنفذة للبرامج والمبادرات وبإشراف مباشر من رئيس الجهة، ويعوّل على رئيس الجهة حل معظم المشكلات التنفيذية في هذا المستوى وذلك قبل تصعيدها إلى مستوى أعلى في حال كان ما يعوق التقدم لا يقع ضمن إطار صلاحياته. في حين شمل المستوى الثاني للتصعيد الطلب من مكتب الإدارة الاستراتيجية التابع لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية المشاركة دراسة الموضوع وإعداد ملف متكامل سعياً إلى إيضاح الحقائق وتقريب وجهات النظر والحصول على المعلومات اللازمة لذلك من جميع الجهات ذات العلاقة، سعياً إلى حل العوائق المصعدة له، ولا يتم الرفع إلى اللجنة الاستراتيجية إلا عند تعذر معالجة ما يعيق تقدم الإنجاز على هذا المستوى. اما في المستوى الثالث فتقوم اللجنة الاستراتيجية بالبت في ما يرفع لها من مكتب الإدارة الاستراتيجية ضمن اختصاصاتها، وفي حال تعذر ذلك، قد ترى اللجنة الحاجة إلى رفع الموضوع إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للبت فيه، وهو يعد المستوى الرابع للتصعيد والأخير. اللجنة الاستراتيجية تعالج معوقات تحقيق أهداف «رؤية 2030» أكد اقتصاديون أن إنشاء اللجنة الاستراتيجية المعنية بمتابعة تحقيق «رؤية 2030» وترجمتها إلى استراتيجيات مفصلة، إضافة إلى تطبيق الحوكمة في تحقيقها، وإطلاق اللوحات الإلكترونية لمتابعة مؤشرات قياس الأداء سيعمل على حل كل المعوقات والإشكالات التي يمكن أن تواجه تحقيق «الرؤية» على أرض الواقع، من خلال المتابعة الدقيقة لأداء الجهات المعنية بتحقيق أهدافها. وقالوا في حديثهم إلى «الحياة» إنه كان لدينا في السابق تقارير الأداء السنوية للجهات الحكومية، التي يرد بداخلها المعوقات وما تم حيالها، وفي بعض الأحيان يكون المعوق في جهة تنفيذية يعوق العمل في جهة أخرى تنفيذية، ويكون من الصعب التواصل لحلول لتلك الإشكالات المركبة. وأوضحوا أن وجود اللجنة الاستراتيجية سيعمل على حل المعوقات المركبة في حال وجودها بسرعة أكبر وبشكل استراتيجي. وقال رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى عبدالرحمن الراشد: «إن مشروعاً ضخماً، كرؤية المملكة 2030، يتطلب جهازاً يشرف على تنفيذها ومتابعة تطورات التنفيذ أولاً بأول»، لافتاً إلى أن خطة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خطة طموحة، وإنشاء لجنة استراتيجية لتحقيقها يؤكد حرص القيادة على تحقيق هذه «الرؤية». وأضاف أن وجود اللجنة الاستراتيجية سيعطي مرونة في آليات المتابعة ومرونة في الأداء ما يسهم في تنفيذها بالشكل المطلوب، منوهاً بأن وجود هذه اللجنة سيعمل على متابعة تنفيذ «الرؤية» وتعديل وتسهيل المعوقات لتنفيذها في حال وجودها بحيث يتم التنفيذ في الإطار الزمني المحدد بدون تعثر.بدوره، أكد عضو مجلس الشورى الدكتور غازي بن زقر، أن توجه السعودية اليوم هو تغيير وتطوير المنهج الحكومي في الإدارة ليكون التطوير مبنياً على أسس علمية حديثة، مشيراً إلى أنه وفقاً لمنهج الإدارة الحديثة فإنه عند القيام بخطة تحول كبير، مثل التي أعلنتها السعودية أخيراً «رؤية 2030»، يتطلب متابعة دقيقة في إطار الحوكمة. ونوه بأن الحوكمة هي عبارة عن قواعد معينة تؤكد التوازن في التطبيق والالتزام، وهذا التوازن يزيد من فرصة تحقيق المشاريع على أرض الواقع، وخصوصاً في وجود مركز لقياس الأداء، ما سيعمل على قياس أداء كل جهة، كاشفاً أن وجود اللجنة الاستراتيجية سيعمل على المزج بين مؤشرات الأداء المختلفة لكل القطاعات والجهات الحكومية، ما يسهم في التعامل المباشر مع المعوقات. واستطرد بالقول: «في السابق كان لدينا تقارير الأداء السنوية للجهات الحكومية التي ترد بداخلها المعوقات وما تم حيالها، وفي بعض الأحيان يكون المعوق في جهة تنفيذية يعوق العمل في جهة تنفيذية أخرى، ويكون من الصعب التواصل إلى حلول لتلك الإشكالات المركبة، مشيراً إلى أن اللجنة الاستراتيجية ستعمل على حل المعوقات المركبة في حال وجودها بسرعة أكبر وبشكل استراتيجي.وأشار إلى أن دور اللجنة لا يتوقف على حل المعوقات بل يشمل التفاعل المباشر من خلال معالجتها للقضايا المركبة ووضع حلول لها، إضافة إلى إعادة النظر في بعض الأمور والتفاعل معها بشكل استراتيجي. من جانبه، أشار عضو مجلس منطقة مكةالمكرمة زياد فارسي إلى أن إنشاء لجنة استراتجية معنية بالمتابعة أمر ضروري، وخصوصاً أن المتابعة هي العامل الأهم في نجاح تنفيذ «الرؤية» وتحقيقها على أرض الواقع ووضع لجنة متخصصة لمتابعة التنفيذ يعد من أهم عوامل نجاح «الرؤية». وبين أن هذا يتطلب وضع آليات تنفيذ لجميع القطاعات الحكومية لضمان تنفيذ ما تم وضعه من أهداف وما خطط له، مضيفاً أن المؤشرات ستعمل على قياس تحقيق الأهداف، وكشف المعوقات في حينها ومعالجتها، ما سيسهم في تحقيق جميع أهداف «الرؤية». وفي السياق ذاته، رأى عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور عصام خليفة أن وجود لجنة استراتيجية لمتابعة لتحقيق وتنفيذ «الرؤية» يسهم في تحديد المعوقات التي تواجه القطاعات وبالتالي سيكون هناك حلول سريعة بما يضمن سير التنفيذ وحل الإشكالات بشكل مباشر لضمان التنفيذ من دون تعثر. وذكر أن الإشكالات، التي كانت تواجه الجهات الحكومية في تنفيذ الخطط الخمسية، عدة، ما أسهم في عدم تنفيذ تلك الخطط على مدار العقود الماضية بالشكل المطلوب، وخصوصاً مع غياب وجود المعايير اللازمة ومؤشرات قياس الأداء، وهذا الأمر تم معالجته في «رؤية 2030» من خلال إنشاء هيئة معنية بقياس الأداء، إضافة إلى إنشاء اللجنة الاستراتيجية التي ستلعب دوراً رئيساً في تحول «الرؤية» وتحقيقها على أرض الواقع بعيداً عن البيروقرطية التي كانت تعمل بها الأجهزة الحكومية في الماضي.