تُتهم وسائل الإعلام التقليدي بأنها تجامل المعلنين، وقد يصل الأمر إلى حجب مقال أو خبر يتعلق بمعلنٍ ما إذا رأت الوسيلة الإعلامية أن النشر قد يفسد العلاقة مع المعلن ما قد يؤدي إلى امتناعه عن الإعلان في تلك الوسيلة. فالإعلان هو أساس استمرار الوسيلة الإعلامية لأنه مصدر دخلها، وكل المصادر الأخرى ثانوية. بالطبع تتفاوت وتختلف وسائل الإعلام التقليدي في تعاملها مع تلك المشكلة، لكنها في جميع الأحوال لا تقبل أن تضحي بمصداقيتها أمام المتلقي، كما أنها لا يمكن أن تغامر بنشر إعلان يتضمن معلومة غير صحيحة حين تعلم بذلك لأن النشر قد يُعرضها للمساءلة القانونية. أما في زمن الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن الأمر قد اختلف تماماً! وقد أصبحت هذه المواقع تعج بالإعلانات الكاذبة عن سلع وخدمات مغشوشة وأحياناً مُضرة لدرجة أن بعضها ينشر إعلانات عن أدوية ومستحضرات طبية وتجميلية غير مُرخصة! أما أصحاب الحسابات الذين ينشرون تلك الإعلانات فهم يفعلون ذلك ليس بسبب جهلهم بالمحتوى الإعلاني الضار لما ينشرونه وإنما لأن هدفهم الوحيد والمطلق هو الحصول على العائد المالي من المُعْلِن بصرف النظر عما قد يؤدي إليه نشر تلك الإعلانات من أضرار للغير. نحن في زمنٍ تغيرت فيه كثيرٌ من الأمور التي كنا نظن أنها ثوابت أو أنها لا تتغير إلا ببطء شديد. وفي حقل الإعلام أصبح من العسير على المرء متابعة ما يُنشر حتى في المواقع الرئيسية الشهيرة للتواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، فضلاً عن المنصات الجديدة المتنوعة التي يتم إطلاقها باستمرار. وقد أصبح بوسع شخصٍ واحد أن يخاطب ملايين الناس من خلال حسابه في تلك المنصات وينشر ما يشاء دون أن يمر المحتوى على أي رقيب، وفي هذا خيرٌ كثير وشرٌ كثير أيضاً. إيجابيات وسلبيات الإعلام الجديد كثيرة، وما نَشْرُ الإعلانات المنفلتة الضارة إلا أحد الجوانب السلبية، ومثل كثيرٍ من الجوانب السلبية الأخرى في الإعلام الجديد فإن الأمر يحتاج إلى معالجة جادة من الوزارات والهيئات المعنية في الدولة. أعلم أن وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التجارة والاستثمار، وربما جهات أخرى أيضاً، مهتمة بهذا الأمر؛ لكننا نطمع في أن نرى نتائج أسرع وذلك بعد استفحال ظاهرة الإعلانات الكاذبة في مواقع التواصل الاجتماعي مع إدراكنا باستحالة اختفاء هذه الظاهرة تماماً.