قام وفد من الملحقية الثقافية السعودية بهولندا، برئاسة سعادة الأستاذ الدكتور منير بن مطني العتيبي الملحق الثقافي السعودي في هولندا، يرافقه ممثلو الجامعات الهولندية خرونققن وماسترخيت وتونتا، الذين يشاركون خلال هذه الفترة بالمعرض والمؤتمر الدولي للتعليم، بزيارة لمقر صحيفة الجزيرة، التقوا فيها رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك وعدداً من أعضاء أسرة التحرير وكتَّاب الجزيرة. وقد عُقدت حلقة نقاش حول العلاقات السعودية - الهولندية، والشراكة العلمية والطبية بوجه خاص. العلاقة العلمية والتبادل المعرفي أساس بناء العلاقات الأخرى في بداية حلقة النقاش رحَّب رئيس التحرير بالوفد شاكرًا إياهم اختيارهم «الجزيرة»؛ لينقلوا من خلالها انطباعهم عن المملكة، وتصوُّرهم، وأهم المحاور الأساسية للعلاقة بين البلدين، وفي مقدمتها تجربتهم في استقطاب المبتعثين السعوديين المتميزين للدراسة بمختلف الجامعات الهولندية، كغيرهم من آلاف المبتعثين السعوديين الدارسين بمختلف دول العالم؛ لينهلوا من أفضل التخصصات العلمية والنظرية؛ ليعودوا محمَّلين بالكفاءة والقدرة لخدمة المملكة العربية السعودية.. مؤكدًا أن العلاقة العلمية والتبادل المعرفي أساس بناء العلاقات الأخرى. رؤية 2030 محور رئيسي في المعرض الدولي للتعليم وتطرقت حلقة النقاش إلى الحيز الكبير الذي شغلته رؤية المملكة 2030 في أجندة المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم هذا العام، التي تضمنت في حيثياتها العديد من الآليات والإجراءات العملية لضمان خلق برنامج تعليمي متقدم، وبيئة علمية خصبة للأبحاث والتبادل المعرفي. وأكد رئيس التحرير أن الرؤية بأهدافها العلمية النبيلة تضيف للمؤتمر أهمية كبرى؛ لما سيخرج به من توصيات. الجامعات الهولندية ثم تحدث الدكتور منير العتيبي الملحق الثقافي بهولنداوبلجيكا، الذي بدوره وجَّه الشكر للجزيرة لاستضافتها وفد الجامعات، عادًّا الجزيرة منبرًا إعلاميًّا كبيرًا، يطرح فيه أعضاء هيئة التدريس الهولنديون أبرز أفكارهم وانطباعاتهم عن السعودية. مشيرًا إلى أهمية التبادل العلمي بين الدول، والسعي الحثيث للمؤسسات التعليمية للتعريف بقوانينها وآلية الدراسة في جامعاتها؛ ولذلك تتسابق الجامعات بالمشاركة في المعارض الدولية التعليمية؛ لتنقل تلك المعلومات للطلبة. مؤكدًا أن وسائل الإعلام كذلك ستكون المؤثر الأكبر في عملية التعريف بالإجراءات الأكاديمية ذات العلاقة، ومشاركة الوفد اليوم تأكيد لهذه العلاقة الإيجابية التي ستسهم باطلاع أكبر عدد من المهتمين بالدراسة الجامعية في هولندا ممن لم تسنح لهم الفرصة بزيارة المعرض؛ إذ يجهل الكثير أن الدراسات العليا في هولندا تتم باللغة الإنجليزية لا الهولندية كما هو مشاع عند البعض، علاوة على التميز العلمي الذي تتمتع به الجامعات الهولندية، خاصة أنها من ضمن أفضل الجامعات في العالم، ومؤخرًا حاز أحد العلماء الهولنديين جائزة الملك فيصل في الفيزياء. ثم تطرق الدكتور العتيبي إلى الحديث عن الملحقية الثقافية، ودورها في تعزيز التعاون العلمي والثقافي بين البلدين، مشيرًا إلى أنها تأسست عام 2014م حينما انتقلت مسؤولية الإشراف على المبتعثين من ملحقية ألمانيا إلى الملحقية بهولندا، وكذلك انتقال الإشراف على مبتعثي بلجيكا من ملحقية فرنسا إلى هولندا. ومنذ ذلك الحين شرعت الملحقية في مهامها بالإشراف على المبتعثين السعوديين في كل من هولنداوبلجيكا مع ما يندرج تحت ذلك من تسخير السبل كافة لكل ما من شأنه دعمهم علميًّا؛ ليحققوا الهدف الذي ابتُعثوا من أجله، إضافة إلى المهام الأخرى الموكلة للملحقية، كتوفير الضمان الصحي لهم، وإتمام الإجراءات الإدارية والمالية ذات العلاقة، كدفع الرسوم الدراسية وصرف المكافآت، جنبًا إلى جنب مع المضي قدمًا بالحراك الثقافي الذي تحرص الملحقية على المشاركة فيه بمختلف المحافل والمناسبات الثقافية. مشيرًا إلى الدعم الذي حظيت به الملحقية من قِبل وزارة التعليم عند بداية إنشائها، الذي كان له أكبر الأثر في إنجاح مهام الملحقية. مشيرًا كذلك إلى العوامل الخارجية الأخرى التي ساهمت في هذا النجاح، والتي يأتي في مقدمتها التعاون الدائم والكبير من قِبل الجانب الهولندي، سواء كهات أو أفراد، الذين يتسمون فيه بالود والتعامل الراقي والعمل الجاد. مضيفًا بأنه لتميُّز المبتعثين السعوديين دور مهم كذلك في قيام الملحقية بمهامها.. وأنه لم يحدث أن وقع أحدهم في مشكلة عائقة له لإكمال دراسته؛ إذ يدرسون بمختلف المجالات، سواء الطب أو الهندسة أو التغذية بمختلف المراحل الجامعية وأنواع الزمالات، وهم مبتعثون من مختلف الجامعات الحكومية وهيئة الغذاء والدواء ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وأكمل الملحق الثقافي حديثه كذلك عن العوائق التي لا يخلو أي عمل جديد منها، والتي تتمثل بمشكلة مرافق المبتعثة، وأن قوانين الهجرة الهولندية تنص على بعض الاشتراطات فيه؛ ما يدعو المرافق إلى مغادرة هولندا بعد ستة أشهر من دخوله الأول، ثم التقديم من جديد على التأشيرة؛ ما يسبب عائقًا لدى بعض المبتعثات وذويهن. مؤكدًا أنه يجري الآن عمل جهود كبيرة بالتنسيق مع الجهات الهولندية لحل هذا الأشكال. التعليم الهولندي عراقة تعود لأكثر من 400 سنة بعد ذلك تحدثت ممثلة السفارة الهولندية لدى المملكة والملحق الثقافي بالإنابة السيدة هايتي هيزلز عن تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، الذي يعود إلى فترة ما قبل القرن التاسع عشر عندما افتتحت هولندا قنصلية بمدينة جدة لوجود عدد كبير من الهولنديين، لهم أصول إسلامية من إندونيسيا، ويسافرون لمكة لأداء شعائرهم الدينية، ومن ثم تواصلت العلاقات في النمو والازدهار مع اكتشاف النفط بالمملكة، الذي بات مجالاً جديدًا للتعاون بين البلدَيْن، ثم تعاونا مجددًا كذلك وأسسا البنك السعودي الهولندي، وحاليًا هناك العديد من المشاريع المشتركة للبلدين، خاصة فيما يتعلق بمجالي البنية التحتية والتعليم، الذي لهولندا شراكة علمية فيه، تعود لأكثر من خمسة عشر عامًا؛ إذ إن نظام التعليم الهولندي معروف بتميزه وعراقته كذلك، ويعود تاريخ تأسيس بعض الجامعات إلى أربعمائة عام؛ فالعلاقة العلمية والتبادل المعرفي أساس بناء العلاقات الأخرى. ولدينا ثلاث عشرة جامعة بحثية، منها مائتا جامعة من أفضل الجامعات في العالم، إضافة إلى تسع وثلاثين جامعة علمية. وهولندا لديها أكثر من ألف وخمسمائة تخصص، تُدرَّس باللغة الإنجليزية. وهناك كذلك 5 مراكز علمية من أفضل مائة مركز بحثي عالمي، جمعيهم يزودون سوق العمل بالعديد من الكفاءات التي هي شديدة الأهمية لارتباطها برؤية 2030. ونحن سعداء جدًّا لدعوة وزارة التعليم للجامعات الهولندية للمشاركة بالمعرض والمؤتمر الدولي للتعليم. بلد ال22 جائزة نوبل بعد ذلك أوضحت الدكتورة انكا فانتخريت ممثلة جامعة خرونقنن الطبية ونائبة مديرة الجامعة للشؤون التعليمية أن علاقتها ببرنامج الابتعاث تمتد الآن لتسع سنوات، ويدرس في الجامعة أعداد من الطلبة الأجانب، جزء منهم المبتعثون السعوديون. وقد عكس هذا بشكل كلي طريقة التدريس المتبعة بشكل إيجابي، كما أثرى الحصيلة العلمية للطلبة الهولنديين أنفسهم؛ لكون الجامعة أسست البرنامج؛ ليتم التدريس فيه باللغة الإنجليزية. ومنذ انطلاقة برنامج الابتعاث قمنا بزيارات عدة للمملكة، من ضمنها المشاركة بالمعرض الدولي، وأسسنا شراكة علمية مع جامعة الملك فيصل، التي قامت بتطوير برنامجها التعليمي الطبي، وطبقنا البرنامج المتبع في جامعتنا على جامعة الملك فيصل مع تعديل ما يتطلب؛ ليلائم بيئة العمل لديهم، وصاحب ذلك برامج تطوير الأداء والتدريب لمنسوبي البرنامج الطبي، وقريبًا ستتخرج أول دفعة يطبق عليها هذا البرنامج. وكما ذُكر سابقًا، فإن الدراسات العليا تتم باللغة الإنجليزية، وكذلك جزء من مرحلة البكالوريوس. وعودة إلى عمر الجامعة، الذي يمتد لأربعمائة عام، فإن مبانيها حديثة جدًّا، وأحد منسوبي الجامعة حصل على جائزة نوبل في الكيمياء، ونحن فخورون بذلك؛ إذ سيكون الآن عدد الهولنديين الحاصلين على نوبل 22 شخصًا. ثم تحدث السيد رينجو توينسما مسؤول التعاون الدولي بالمركز التعليمي للدراسات الطبية عن تجربته في التعامل مع المبتعثين السعوديين، بدءًا ببرنامج استقبالهم وتهيئتهم نفسيًّا، ثم توفير مكان إقامة لهم لمدة أسبوع، يتم خلاله تعريفهم بأهم القوانين والإرشادات المتبعة في البلد الذي سبق تعريفهم به في السفارة الهولندية بالرياض قبل مقدمهم، إضافة إلى مساعدتهم في إنهاء الإجراءات الخدمية الأخرى، كفتح الحساب البنكي، ومساعدتهم في إيجاد مسكن لهم، سواء في الجامعة أو خارجها. وحديثًا عن المستوى الدراسي للمبتعث السعودي أشار رينجو إلى أن نسبة سبعين في المئة من المبتعثين السعوديين يجتازون بنجاح السنة التحضيرية التي تؤهلهم لاحقًا لدخول كلية الطب، التي لم يحدث من قبل أن تعثر مبتعث سعودي فيها. تخصصات تقنية بحتة من الناحية النفسية كما تداخل السيد نيكولاس برات ول ممثل جامعة تونتا، الذي عرف بمجال اهتمام جامعته في الأبحاث التقنية، كتخصصات إدارة الأعمال والهندسة وعلوم الحاسب وعلم النفس من الناحية التقنية. وقال: جامعتنا حريصة على إنشاء علاقات أكاديمية مع الجانب السعودي، وجذب السعوديين للدراسة لدينا؛ إذ إن الجامعة يدرس بها مجموعة من الطلبة الأجانب، منهم السعوديون، منهم ستة قُبلوا العام الماضي. وأعتقد أن تخصص الهندسة مهم جدًّا، ومطلوب لكلا البلدين. زيارة للمملكة بعد 25 عامًا بعد ذلك أكد السيد ستينغ ستراخه ممثل جامعة ماسترخيت الطبية ومستشار الشؤون الاستراتيجي للجامعة اعتزازه بمشاركة جامعته بالمحافل العلمية بالمملكة، مشيرًا إلى أن هذه هي زيارته الثانية للمملكة؛ إذ كانت زيارته الأخيرة قبل خمسة وعشرين عامًا، عندما كان والده يعمل طبيبًا في مستشفى الملك فيصل التخصصي للدارسات والأبحاث. وعن عدد المبتعثين السعوديين الدارسين في الجامعة أوضح ستينغ أن أعدادهم كبيرة، وتضاعفت خلال السنوات القليلة الماضية. وقال: وسعدنا بلقاء بعض خريجينا هنا في المعرض الدولي بعد أن عادوا للمملكة، وبدأت حياتهم المهنية. متفقًا مع رأي رئيس التحرير في كون العلاقات العلمية والمعرفية أساس بناء العلاقات في المجالات الأخرى. ثم تحدث منسق البرامج الدولية بالجامعة السيد محمد المزياني عن العلاقات العلمية التي تربط المملكة بجامعته، خاصة فيما يتعلق بدراسة المبتعثين السعوديين فيها، كما بيّن أن جامعته لها عدد من الاتفاقيات مع الجامعات السعودية هنا، كجامعة سليمان الراجحي في البكيرية أو البترجي في جدة لدعمهم ببناء برنامجهم التعليمي الخاص بهم، ونحن حاليًا في صدد إنشاء اتفاقية جديدة مع المستشفى العسكري بالرياض. وهذه الاتفاقيات لها دور كبير في تطور العلاقة بيننا؛ إذ إن منسوبي جامعتنا يزورون الجامعات السعودية التي نتعاون معها، ويلتقون نظراءهم السعوديين. وإلى جانب التعاون العلمي الذي يكتسبونه فإنهم يكتسبون كذلك خلفية عن الجانب الثقافي والإنساني بالمملكة. حضر الندوة من جانب الملحقية الثقافية السعودية بهولندا الأستاذ محمد الفوزان مسؤول العلاقات الثقافية، والأستاذ سلطان الخرمي مدير مكتب الملحق الثقافي، ومن قِبل الصحيفة الكاتب الدكتور عبدالرحمن الشلاش، والأستاذ محمد العبدي مدير تحرير الشؤون الرياضية، والدكتور عبدالله أبا الجيش مستشار رئيس التحرير، والأستاذ خالد المشاري المشرف المناوب بمكتب رئيس التحرير، والأستاذ حبيب الشمري مساعد مدير تحرير الشؤون المحلية، والأستاذ عبدالله المقحم رئيس قسم اللقاءات والتحقيقات الصحفية، والأستاذ عبدالله الجعيدي مسؤول العلاقات العامة.