بعد صلاة فجر يوم الأحد الموافق 13-6-1438 أبلغنا إمام المسجد الأخ فهد بوفاة والده الإمام العابد الزاهد الشيخ محمد بن علي بن عبدالله الموسى، أبوعبدالله، عن عمر يناهز التسعين عامًا قضى أكثر من نصفها إمامًا وخطيبًا لجامعنا، جامع حي السبعين بروضة سدير (خفيه). كان نعم الإمام ونعم الجار ونعم المربي الفاضل، لا تمل من حديثه وسؤاله عن الكبير والصغير وحسن معاملته وصفاء نفسه وحسن قراءته وخفة صلاته ودماثة خلقه، لم يختلف مع مأمومينه طوال إمامته بالمسجد، بل كان ذا علاقة متميزة مع الكبير والصغير والعربي والعجمي، يتسابق الناس على الصلاة معه والتحدث إليه، كان له أسلوبه الخاص في جذب القلوب إليه ومحبته وطريقة نصحه للشباب، فعندما يغدو للمسجد والشباب يلعبون يكفي أن يقول لهم: السلام عليكم فيسبقونه إلى المسجد ولم يكن فظ القلب غليظ اللسان، بل كان شفوقًا رحيمًا تسابق الكبار والشباب والعمال على حمل نعشه ودفنه لما يكنونه له من محبة وتقدير واحترام من أهالي روضة سدير، لم تخنقه العبرات وتتصاعد منه الدعوات وتتسابق الأيادي في التعازي كيف لا وهو أيقونة الألفة والمحبة والتسامح كيف لا وهو يحمل في جوفه القرآن، كيف لا ولم تفته تكبيرة الإحرام كيف لا وهو من سنين طويلة يصعد درجات المنبر ناصحًا وموجهًا، كيف لا وصوته الشجي يصدح بالقرآن سنين طويلة، كيف لا وقد فتح بيته للرقية على المرضى والمحتاجين فشفي بإذن الله خلق كثير وكما قيل إن الموعد يوم الجنائز، فلم أشاهد هذا المسجد على اتساعه وقد اكتظ بالمصلين، بل امتلأت الساحة الخارجية بهم وهذه بشارة خير كان الجميع يعزي بعضهم بعضاً وليس التعزية لذويه، لأن الفقد جلل والخطب عظيم والفقيد أبو عبدالله لقد شاءت إرادة الله بأن تكون أول صلاة على جِنازة في مسجده بعد إعادة بنائه وتوسعته أن تكون جنازته ليزدحم المسجد ويكونوا شهداء له بإذن الله أن الكلمات تستعصي في مثل هذه المواقف وشريط الذكريات يمر أمام عينيك مسرعًا تحاول أن تمسك بما تراه صالحًا للكتابة والتأبين ولكن هيهات وأنت تودع رجلاً صالحًا وشيخًا وقورًا وإمامًا فاضلاً وعبدًا شاكرًا وجارًا ودودًا زهدًا في الحياة وملذاتها وصبر واحتسب للإمامة والخطابة والرقية. إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وإنا على فراقك أبا عبدالله لمحزونون وبإذن الله ستجد عند الله خير من النيا وما فيها. والعزاء لابنة عمه ورفيقة دربه زوجته أم عبدالله الصابرة المحتسبه رفع الله ضرها وشفاء الله سقمها وربط على قلبها وألبسها لباس الصحة والعافية ولأبنائه عبدالله وفهد وأحمد وعبدالعزيز ولأختهم ولاخوانه عبدالرحمن وعثمان والدكتور ناصر ولكافة أسرة الموسى ولأهالي روضة سدير عامة ولمحبيه وأصدقائه وأنسابه وأصهاره وها نحن نرفع أكف الضراعة إلى الواحد الأحد الفرد الصمد ونقول: إن عبدك ابن عبدك ابن أمتك محمد بن علي قد حل ضيفًا عليك اللهم أكرم نزله وأرفع درجته ويمن كتابه وهون حسابه ولين ترابه وألهمه حسن جوابه اللهم طيب ثراه وأكرم مثواه وأجعل الجنة مستقره ومأواه اللهم نور قبره وأرفع ذكره واجعله في رياض جناتك يا أرحم الراحمين والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين. ** ** عبدالرحمن بن محمد السلمان - أبوعدنان