في شخصيته ارتبط التاريخ بالمسؤولية وفي سيرته ترابط المنصب بالمؤسساتية من جيل أحفاد الأسرة المالكة ابن ملك وحفيد مؤسس وشقيق أمراء ورفيق وطن وصديق مواطن. إنه أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز الذي سطر المجد وعطر العهد بسيرة امتلأت بالمهمات المختلفة وتلألأت بالإنجازات بوجه مألوف تعلوه ابتسامة الرضا عند النجاح وجدية الأمر حين الكفاح وملامح اقتبست من والده الملك سعود سمات السمو وسكنات الفكر وبلهجة "أميرية تمتلىء عزما وحلما" وصوت جهوري تسكنه مفردات القرار وعبارات التوجيه وكلمات العطاء ونبرات التواضع وعينان تمتلئان سكونا وتسطعان متونا ومحيا متزن بين ابتسامات يوزعها بين المواطنين وتوجيهات يزرعها بين المرافقين يطل الأمير مشاري بين إخوانه وأبنائه بمنطقة الباحة واضعا أحجار من الأساسات لصناعة النماء ومؤسسا لدروب من العطاء. في قصر والده الملك سعود كان الأمير مشاري ابنا بصفات تلميذ يتعلم الحكمة ويتشرب الحنكة ويراقب بطبيعته التربوية وطبعه الاعتباري وفود الرؤساء ومحافل الزعماء ودروس ملكية في الإدارة والإرادة فاقتبس عقله الغض تلك "التجارب الملهمة" من التربية والعمل فأحب التاريخ وعشق العلم ونال ود المعرفة فكان شغوفا بالقراءة عطوفا بالآخرين. في الرياض عاش ودرس ملهما بتربية والديه مستلهما من الأسرة الولاء للوطن والفداء للوطنية تولع قلبه بالتاريخ صغيرا فاستوقفته الأماكن واستهوته الأحداث فقاده حبه لذلك إلى نيل درجة البكالوريوس من جامعة الملك سعود عام 1975م بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف ثم ابتعث للولايات المتحدةالأمريكية لدراسة اللغة الإنجليزية ثم واصل الأمير طريقه نحو العلا حيث حصل على درجة الماجستير في التاريخ من جامعة الملك سعود في رسالة بعنوان (العلاقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية اليمنية) وقد طبعت بشكل كتاب ضمن الرسائل المميزة في احتفالات المئوية للمملكة. توجه بعدها للعمل بالقطاع الخاص لمدة عام ثم صدر قرار مجلس الوزراء في عام 1983م بتعيينه وكيلاً للحرس الوطني للقطاع الشرقي وقد اشترك سموه مع لواء الملك عبدالعزيز الأول المطور في تطهير الخفجي من القوات وذلك عام 1991 م ثم صدر أمر ملكي كريم بتعيينه أميراً لمنطقة الباحة بتاريخ 1431ه وللأمير عدة عضويات حيث إنه عضو مجلس خريجي معهد العاصمة النموذجي وعضو جمعية المعاقين وغيرها. الأمير مشاري من محبي القراءة والسياحة وله مساهمات في الكتابة الصحفية بين حين وآخر وقد قاده الحب المعرفي والعشق العلمي لأن يزرع ذلك في أبنائه حيث حصل ابنه الأمير تركي على الماجستير من بريطانيا وابنته الأميرة هالة على ماجستير علم نفس تخصص ذوي الاحتياجات الخاصة عندما نادته الثقة الملكية توجه إلى الباحة وفي قلبه ذكريات حفظها من أخيه الأمير محمد رحمه الله ووسط مخيلته "خارطة تاريخية" لبلورة مستقبل المنطقة الحالمة وفي عقلة "أمنيات تنموية" كتبها بمداد "الخبرة" وسطرها بعتاد "المواطنة" وعطرها بسداد "النظرة المستقبلية". في الباحة "ملاحم" من التنمية وملامح من النمو المتنوع ومطامح مستقبل يراها الأمير في زياراته يرصدها حين جولاته يكشفها اثناء مناسباته فيجدولها في ذاكرته ويبلورها في "حيز الواقع" كاهتمام أول وإنجاز أولي. لا ينتظر أي مواطن في الباحة "وساطة" أو "شفاعة" فالأمير مشاري فاتحا قلبه قبل مكتبة ومجهزا قلمه قبل أوراق مواطنيه واضعا نظاما فريدا من الإنجاز السريع للمعاملات والاعتزاز الأسرع لخدمة المواطنين وتسيير أمور منطقة "مركبة" تنوعت بين السراة وتهامة والجبل والسهل والحاضرة والبادية.. في الباحة الإنسان شاهد عيان أمام التطور والمكان "عنوان" يتجاوز التصور في خانة التوقعات.. تجاوزت الباحة في سباقها مع الزمن محطات كثيرة ببعد نظر وحرص وتفوق الأمير مشاري الذي يخطط بصمت ويعمل بمنهجية ويراقب باحترافية. اقترن اسم الأمير مشعل مع منطقته فشكل نتاج عمل دؤوب لا يعترف بتوقيت محدد وتقارن جهدة مع لوحات مشرفة من النتائج التي باتت تتجلى في كل مدن وقرى وهجر المنطقة التي أحبها وأحبته فباتت جزءا من حضارة الوطن واستنارة المناطق لتكون الباحة أبية بهية بحلة وعقد فريد شكله "الأمير مشاري" بفكره الإداري ونبله الإنساني.