على مدار أسبوعين كنت أتنقل فيها بين مديريتي باقم وأكتاف البقع في محافظة صعدة كصحفي راصد لعمل التحالف العربي والجيش الوطني اليمني وأجد نفسي هنا أمام مسؤولية تاريخية لتدوين بعض الرسائل القصيرة كوني الصحفي الوحيد الذي تشرّف بهذه التجربة... * مديرية كتاف والبقع أكبر مديريات محافظة صعدة والتي كانت المليشيات الانقلابية تجري فيها المناورات العسكرية عاد 80 % منها إلى الشرعية بينما تقبع 20 % المتبقية تحت السطوة النيرانية لثلاثة ألوية يمنية هي المحضار والنخبة وفتح والتي تشكل مع اللواء الخامس (اللواء الذهبي) في مديرية باقم كماشة رباعية الأذرع تزحف نحو جبال مران مخبأ عبدالملك الحوثي التي لا تشكل مساحتها من عموم محافظة صعدة ال2 % وبالسيطرة على كتاف والبقع أصبحت صعدة المركز في مرمى نيران الراجمات التي يمتلكها الجيش اليمني وأنه لولا تمترس الحوثيين بالمدنيين كالعادة لحسمت المعركة بالنيران غير المباشرة منذ وقت طويل. * أمام مديرية باقم وهي ثالث مديريات صعدة من حيث المساحة فقد سيطر اللواء الخامس من الجيش اليمني والملقب باللواء الذهبي على 70 % منها بينما تقبع ال30 % تحت السطوة النيرانية، المهم في مديرية باقم أن الجيش اليمني والتحالف العربي لا يفصلهما عن ضحيان في مديرية مجز سوى 25 كيلومتراً وضحيان هي مسقط رأس عبدالملك الحوثي كما أن كل من مطره ونقعه وهي مناطق نفوذ تقليدية للمليشيات الانقلابية تبعد فقط 15 كيلومتراً وبهذا تصبح صعدة المركز أيضاً في مدى نيران الراجمات من مديرية باقم. * هناك ثلاث قبائل محورية من صعدة بينها وبين مليشيات الحوثي ثارات قديمة من زمن الحروب الست وهي الآن من الفئة الصامتة التي قد تلتحم مع ألوية الشرعية في أي لحظة متى ما اقتربت الشرعية من صعدة المركز. * دماج قلب السلفيين النابض وإن كانت الآن تقع تحت سيطرة الحوثيين إلا أنها كالرماد الذي يشتعل في أي لحظة ولاسيما أن أغلب شبابها مع لواء المحضار أهم الألوية في الجيش اليمني الوطني. * محافظ صعدة هادي طرشان الوائلي القحطاني الداعم للشرعية ينحدر من قبيلة وايله التي تتمركز في ثلاث مديريات الصفراء وكتاف البقع والحشوة وهو يتمتع بشعبية كبيرة في عموم محافظة صعدة بصفته أحد مشايخ وايله وقد قال لي عندما التقيته في كتاف البقع أن نسبة الفئة الصامتة هي الأغلبية من سكان محافظة صعدة. * معلومة تاريخية أن عبدالملك الحوثي لا ينتسب إلى أي قبيلة في محافظة صعدة وأن لقب الحوثي أخذه من مديرية حوث في محافظة عمران ولم يعرف عن اليمنين أن يتخذوا من الأماكن ألقاباً لهم لاسيما وهم أهل النسب والحسب والتفاخر بالأجداد والعمق القبلي، بل إن أهل صعد إن لقبهم أحد ما بلقب الصعدي نسبة إلى المحافظة فإنهم يرفضون، وقد يصل الأمر إلى القتل اعتراضاً لأنه نوع من أنواع الاستصغار لأن كل أفراد صعدة ينتمون لقبائل عربية عريقة. * لم يثبت نسب الحوثي إلى الهاشميين لأنه لو كان ينتسب للبيت الهاشمي لكان منتسباً إلى أسرة أو قبيلة معروفة بينما هو ينتسب إلى منطقة. * إن بدر الدين الحوثي والد عبدالملك الحوثي وإن كان من رجال الدين إلا أنه ليس من المعتد بهم في بلد مثل اليمن يشتهر بتقديره للعلم والعلماء وأن في صعدة من العلماء من هم أغزر منه علماً وأوضح منه نسباً. * مليشيات الحوثية لم يتركوا شيئاً من مقدرات الدولة ألا واستولوا عليه في صعدة وهذا يعكس كونهم لا يريدون بناء دولة وإنما يريدون تمويل أعمالهم الإرهابية فقط. * تاريخ هذه المليشيات الانقلابية مع انتهاكات حقوق الطفل حافل بالملفات السوداء، حيث يتم الزج بأطفال دون العاشرة في الخطوط الأمامية بذخيرة قليلة وأسلحة متهالكة واستعمالهم كدروع بشرية للقوات المدربة. لمحة الإعلامي اليمني عبدالله صلاح الذي يرافقني في كل مكان داخل اليمن أثبت لي بالدليل والبرهان أن الصحفي اليمني هو الأكثر براعة في التعامل مع كل الأزمات وأن عدم استقرار اليمن ساهم في انغماس الصحفي اليمني بالشأن الداخلي وعدم انتشاره إقليمياً كما يستحق رغم ما يملكه من مقومات فكرية ولغوية ومهنية.