كاتب الرأي الأجمل عبدالعزيز السويد كتب يوم 15-2-2017م في زاويته بجريدة الحياة مقالاً بعنوان: إلى من يتحدث الوزير؟، والموضوع عن الغش التجاري في كل شيء يباع ويستهلك في الأسواق والبيوت السعودية. الجديد في الأمركان اعتراف معالي وزير التجارة والاستثمار أمام أساطين تجارة جدة أن الغش في السعودية وصل إلى الأدوية والأطعمة والسوائل والكريمات، واصفاً حجمه بالمخيف. اعترف معالي الوزير، وذلك مما يستحق الشكر عليه، بأنه لم يكن يعرف حجم الغش إلا بعد تعيينه وزيراً، حين اكتشف أن البضائغ تغش على طول الخط، فإما أنها تصل مغشوشة في الخارج أو تغش في الداخل. اللهم إنا لا نسألك رد قضائك ولكننا نسألك أن تيسرلنا من يساعدنا على اللطف فيه. اعتراف معالي وزير التجارة والاستثمار بداية خير إن شاء الله، فهو أول مواطن في هذا المنصب الكبير يعترف بالخلل الموجود في ميدان مسؤولياته على نطاق واسع. كل المواطنين يعرفون بوجود غش كبير في الأسواق السعودية، والوزراء السابقون في هذه الوزارة كانوا يعرفون ذلك، ولكن تعاملوا معه بالصمت والمكافحة الميدانية قدر الاستطاعة. معالي الوزير السابق في هذه الوزارة كان هو فقط الذي أطمع المواطن بشيء من التشهير بالغشاشين وإعلان الغرامات وبدأ في عهده التنفيذ، ولكن الغش مازال مستمراً لأن جذوره متشعبة في كل مكان وبضاعة. ما يهمني كطبيب مسألة انتشار الغش في الأدوية والمستحضرات الطبية والمشروبات، فهذه هي محاور صحة المواطن الرئيسية، أما صحة البيئة فلها مجالات واسعة أخرى. من ملاحظاتي التي تؤكد انتشار الغش التحولات الهرمونية عند الأطفال والمراهقين. الذكور أصبحت لهم أثداء كبار تحسدهم عليها الفتيات، والفتيات لهن أصوات خشنة يحسدها عليها الذكور، بالإضافة إلى خشونة الأصوات بالمقلوب، أما البالغون من الجنسين فأصبحت لهم بطون وأوراك لا يستهان بها ويستطيعون الحصول بها على أرقام قياسية في موسوعة جينيس. أمراض الحساسية من كل نوع بسبب الغش في الأطعمة والمشروبات تستعصي على الحصر. يبقى أن ما يهمني شخصياً كطبيب يكتب وصفات منذ أربعين سنة أنني كنت أختار الوصفة بناءً على اعتقادي باحتوائها على أدوية صيدلانية صادقة التركيب والتركيز والتصنيع، والآن بدأ الشك في تلك المصداقية. الموضوع هنا له تشعبات كثيرة أذكر منها ما تيسر فقط: نقص الفعالية الدوائية مما يزيد في حدة المرض والبحث عن الشفاء عند عدة أطباء لنفس العلل، والزيادات الفلكية في استهلاك الأدوية في السعودية، والارتفاع في المضاعفات الجانبية المترتبة على الدواء المغشوش وتكرار التداوي، ويدخل في ذلك الأمراض المناعية وتقرحات القولون والجهاز الهضمي واضطرابات وظائف الكبد والكلى وأمراض الدم وغير ذلك الكثير. لن أضع المسؤولية على الهيئة العامة للغذاء والدواء فهي محدودة الصلاحيات والإمكانيات وتسبح في قارب صغير وسط محيط واسع هادر الأمواج. هذا المحيط اسمه الفساد التجاري الذي هو جزء آخر من الفساد المالي والإداري إلى آخره.