تشبه مفاجأة فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأمريكية ذات المفاجأة، التي صعقت العالم بفوز سلفه، باراك أوباما، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يفوز مواطن أمريكي أسود بالرئاسة، ولا زلت أذكر السخرية التي قوبل بها المرشح الأسود للرئاسة، جيسي جاكسون، وذلك عندما ترشح، في أعوام (1984و 1988)، إذ كان الإعلام والشعب يتندّر على ذلك الترشح، وقد كان الجميع يتوقع أن يلاقي باراك أوباما ذات المصير، عندما ترشح للرئاسة، في عام 2008. هذا، ولكنه فاجأ أمريكا والعالم، عندما فاز بولاية أيوا، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ثم انطلق كالصاروخ، ليحصد ترشيح الحزب الديمقراطي، ومن ثم الفوز بالرئاسة، على خصم جمهوري شرس، أي عضو مجلس الشيوخ الحالي، وبطل الحرب السابق، جون مكين، وليس سراً أن دعم الإعلام الأمريكي الهائل لأوباما، كان من أهم الأسباب التي أدت لفوزه التاريخي. فوز ترمب بالرئاسة كان مفاجئاً هو الآخر، ولكن أهمية فوزه تكمن في أنه، وعلى عكس أوباما، لاقى، ولا يزال يلاقي، حرباً شرسة وشعواء غير مسبوقة من الإعلام الأمريكي، اليساري في معظمه، ولذلك اعتمد ترمب، ولا يزال، على التواصل مع قاعدته الشعبية، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (حسابه الشخصي على تويتر واليوتيوب)، وهي الإستراتيجيته التي أفقدت الإعلام التقليدي طوره، فزاد من حدة هجومه عليه، خصوصاً بعد أن استلم زمام الرئاسة، قبل ثلاثة أسابيع، إذ لا تكاد تجد أي معلومة إيجابية عن ترمب، فالإعلام الأمريكي التقليدي تخصص بالترصد، والإثارة، والبحث عن الزلات، بل والكذب، والأمثلة على ذلك كثيرة، فقبل أيام فقط، أذاع الإعلام أن ترمب أغلق خط الهاتف في وجه رئيس الوزراء الإسترالي، ونفخ في ذلك بشكل فاق كل تصور، ثم اتضح، وعلى لسان رئيس وزراء أستراليا نفسه، أن ترمب لم يغلق خط التلفون في وجهه، وماذا بعد؟! الإعلام الأمريكي كذب أيضاً بخصوص أمر ترمب التنفيذي، بخصوص منع دخول مواطني سبع دول لأمريكا، إذ أشاع هذا الإعلام أن الأمر موجّه ضد المسلمين، وأنه مستمر، مع أنّ الواقع هو أنّ هذا الأمر يخص دولاً وضعتها إدارة سلفه، باراك أوباما، على لائحة الدول التي تصدر الإرهاب!، وما فعله ترمب هو تفعيل لقرار إدارة أوباما، كما أن هذا الأمر مؤقت، لمدة ثلاثة أشهر فقط، حتى يتم تطبيق إجراءات جديدة، تحد من منح التأشيرات لكل من له صلة بالإرهاب، وجدير بالذكر أنّ الرئيس أوباما سبق أن أصدر أمراً، في عام 2011، بمنع دخول مواطني العراقلأمريكا، لمدة ستة أشهر، ولم ينبس الإعلام حينها ببنت شفة، بل لم يعرف المواطنون الأمريكيون عن أمر أوباما، إلا بعد أن أقام الإعلام الدنيا، بخصوص أمر ترمب، ومن هنا يتضح الموقف المنحاز للإعلام الأمريكي من الرئيس الجديد، وكل شيء يشير إلى أنّ هذا الانحياز سيستمر، ومن المسلّم به أن الإعلام الأمريكي شرس جداً في خصومته، ولكن ترمب شخصية عنيدة، وسنتابع تطورات هذه المعركة بكل تأكيد!.