ذكر الراهب البولندي كرو سينسكي في مذكراته التي كتبها عن مهمته التبشيرية في إيران تحت عنوان من أسباب زوال حكم الصفويين أنه «في فترة حكم الشاه عباس الصفوي تم منع خروج النقود الذهبية من إيران وبدلاً عن الحج تم استبدالها بزيارة قبور الأئمة؛ ولكن إذا رغب شخص في زيارة الكعبة فيجب عليه أن يدفع مبلغاً كبيراً للشاه ويحصل على الإذن بذلك ولهذا كان الفقراء في تلك البلاد يلعنون ذلك الشاه ويدعون بهلاكه وهلاك كل حكامهم آنذاك أيضاً» انتهى. كلام ذلك الراهب الذي عاش بإيران ما يقرب من عشرين عاماً وقوبل بحفاوة كبيرة من قبل البلاط الصفوي وكان شاهداً على أفول هذه الدولة الطائفية. ما أشبه اليوم بالبارحة فمنذ بداية الثورة الإيرانية لم تكل أو تمل وسائل الإعلام الإيرانية من ترديد بأن المملكة العربية السعودية تمنعهم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، ولذا قامت إيران منذ العام الماضي بتحويل الحج إلى زيارة المراقد في العراق والشام بعد أن مزقت وحدة شعوبهما وقتلت وشردت الملايين منهم! وبينما كانت إيران مشغولة بالكلام والتصريحات كانت السعودية خلال هذه الفترة مشغولة باستقبال ملايين من ضيوف الرحمن المعتمرين والعمل على تسهيل عمرتهم وزيارتهم للمسجد النبوي، كما تستعد بعد نهاية كل موسم حج للإعداد للسنة التالية لاستقبال حجاج 57 دولة من دول العالم الإسلامي علاوة على حجاج أمريكا والصين وأوروبا وغيرها من الدول في صمت وعمل دؤوب، وكل عام تعمل على إضافة خدمة جديدة مميزة لخدمة الحجاج الذين جاءوا للحج دون رفث ولا فسوق ولا جدال، وآخر الخدمات التي تقوم عليها المملكة هذا العام تهيئة مرافق الحج لذوي الإعاقة ضن خطة متكاملة وفقاً لأعلى المعايير العالمية في تسهيل تنقلاتهم فماذا قدمت إيران خلال هذه السنة وما قبلها للعالم الإسلامي سوى التدخل في شئون الدول وتمزيق وحدة شعوبها على أسس طائفية وعرقية؟. مر ما يقرب من 300 عام على انقراض دولة الصفويين تعاقبت بعدها عدة سلالات على حكم إيران تغيرت المسميات والنظم الحاكمة ولكن للأسف تشابهت القلوب، وهنا نذكر فقط أن أهل الألباب هم من يتعظون من أخطائهم والحمقى هم من يكررونها، فعسى الحكام في إيران يدركون ذلك وإلا سيعيد التاريخ نفسه.