كنا نبحث عمن يدلنا الدرب. عناوين الأخبار المشتعلة، تنقل أخبار الهاربين، من كل مكان. إلى أين يغادر هذا الإنسان؟ وإلى أين يصنع مصيره الجديد؟ لا أحد هذا الصباح يثق في نشرة أخبار التاسعة ولا العاشرة ولا الواحدة، ولا أي نشرة تحمل خبراً من هذا الكوكب الوحيد الحي، في فضائه، والمزدحم في داخله، بأنفاس غاضبة من كل شيء، ولأي شيء!. أميركا، التي خرجت نساؤها في مظاهرات عمّت المدن الرئيسية، تحمل لافتات، أنّ النساء قادمات ليصنعن التغيير. الرجال ذوو المعاطف السوداء، قد يتخلون عن معاطفهم قريباً. لا أحد يسمع، ولا أحد ينظف نافذة مكتبه الزجاجية، حتى يرى ما لا يُرى! الناس التي في الشوارع، ليست هي نفسها الناس التي في المكاتب، ليست الفروقات في المعاطف السوداء فقط ، بل إنها تشمل كل شيء، حتى في تحمل كلفة كوب القهوة. ومما يضحك له، ويضحك عليه، أن دافعي الضرائب في بريطانيا، ظلوا يمطرون رئيس وزرائهم السابق ديفيد كاميرون، لما رأوا صورة له في مكتبه، إبان عمله، ومن خلفه تبرز ، مكينة قهوة حديثة الصنع: هل اشتريتها من نقودنا؟ اضطر أن يخرج لهم فاتورة الشراء، مع بيان صحفي، يؤكد أنه اشتراها بمائة وستين جنيهاً إسترلينياً، من جيبه الخاص. سألوه وهم غاضبون، عن 160 جنيهاً فقط، ولم ينتبهوا لأي شيء آخر، هل كان خطأ الكاميرا، أم خطأ من صور، أم هم المخطئون، لأنهم لم يروا إلا «سنام الجمل» فقط! نهرب من الإنجليز إلى العرب، الذين يعجبهم رئيس وزراء كندا وهو يستقل الحافلة مع الشعب. بساطة لا مثيل لها، هل أزيدكم، بل يشارك المسلمين إفطارهم في رمضان. هل يريدون رئيساً يمشي في الأسواق، حتى تكون الأمور موزونة ومقفاة؟ لن يعدم العربي عذراً، حتى يجد سبباً ليهجو أخاه، وإن لم يجد، هجا نفسه. ليس جلداً للذات، ولكننا أمة امتهنت الكلام كثيراً، فيما يلزم، وما لا يلزم. ولا نملك حتى الآن سوى الكلام، وقد يتبخر هو الآخر - ضمن ما تبخر، وسبب ثقباً في الأوزون - فلا تملك سوى، أن تعقد حاجبيك، عندما تشاهد نشرة الأخبار، وترى شيئاً يسوءك، لا أكثر من عقد حاجيبك، وإلا قد يأتي من يعقدها نيابة عنك! كنا نبحث عمن يدلنا الدرب. لم نجد الدرب بعد، وقد نتوه، أو تتوه خطواتنا. ليس جديداً، أن الإنسان في كوكب الأرض، قد أصبح الآن، سلعة فائضة عن الحاجة، في سوق كبير، لم ير بداً من أن يعدم كثيراً من المحصول، في سبيل أن يحتفظ بسعر عادل للبيع.