مع إعلان حكومة المملكة -حفظها الله- الإصلاحات المالية والهيكلية للاقتصاد السعودي، التي تزامن إعلانها مع إعلان الميزانية العامة للدولة للعام 2017م، وإعلان برنامج التوازن المالي 2020م، وفي ظل المتغيرات المتوقعة على القطاع المصرفي في المملكة خلال السنوات القادمة، فإن المستثمرين (على اختلاف أهدافهم من حيث العائد مقابل المخاطرة، أو من حيث الفترة الزمنية المستهدفة) حتمًا سيكونون على موعد مع مجموعة ضخمة وجديدة من الفرص الاستثمارية، التي ربما ستغيّر خارطة الاستثمار في المملكة رأسًا على عقب. أولى هذه الفرص الاستثمارية ترتبط بمشاريع الخصخصة الحكومية في أربعة قطاعات اقتصادية حيوية، تستهدف جمع مئات المليارات من الريالات من خلال 109 مشاريع مدرجة ضمن برنامج التحول الوطني 2020م؛ إذ تم الانتهاء من إجراءات الخصخصة لأربعة مشاريع منها، وأصبحت ملفاتها الآن لدى الشركات الاستثمارية لإنهاء الإجراءات المتعلقة بطرحها للاكتتاب الخاص أو العام مع هيئة السوق المالية، فيما سيتم استكمال بقية المشاريع قبل نهاية 2020م. والأهم هنا أن طرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام في عام 2018م - بلا شك - سيكون أحد أهم وأكبر مشاريع الخصخصة هذه بسبب الحجم والنشاط والجاذبية؛ إذ من المتوقع أن يشكل هذا الاكتتاب نقلة نوعية تاريخية للسوق المالية السعودية في مقابل الأسواق الإقليمية والعالمية. وإذا ما نجحت هيئة السوق المالية في توسيع قاعدة الشركات المدرجة في السوق (من خلال جذب الشركات المساهمة الكبرى التي لا تزال غير مدرجة)، وسمحت بالإدراج المزدوج للشركات الخليجية والأجنبية، ثم بدأت العمل في السوق المالية الموازية (لجذب الشركات الصغيرة والمتوسطة)، فالمستثمرون في المملكة سيشاهدون فرصًا استثمارية مغرية ومتنوعة، وهذا بدوره قد يجذب مستثمرين خليجيين أو أجانب لدخول السوق المالية السعودية على اعتبار أنها قد تصبح حينها مركزًا ماليًّا ضخمًا لتجارة الأسهم في منطقة الشرق الأوسط، وربما الأكبر من حيث القيمة السوقية وقيمة السيولة اليومية. وقد يتعزز ذلك في حال رفع تصنيف السوق المالية السعودية من سوق مبتدئة إلى سوق ناشئة قبل عام 2020م أيضًا. من جانب آخر، تعتزم حكومة المملكة التوسُّع في إصدار السندات والصكوك الإسلامية بالريال السعودي وبالعملات الأجنبية لسد عجوزات الموزانة المتوقعة حتى عام 2020م؛ إذ من المتوقع أن تتراوح قيمة هذه السندات والصكوك الجديدة بين 400 - 500 مليار ريال على اعتبار أن النسبة المستهدفة للدين العام مقابل الناتج المحلي الإجمالي لن تتجاوز 30 في المئة، وعلى اعتبار أنه سيتاح للأفراد بالشراء المباشر لها، وهذا بدوره سيوسع قاعدة الفرص الاستثمارية التي ستتاح أمام المستثمرين، ولكن هذه المرة ستكون في أدوات الدخل الثابت ذات المخاطر المنخفضة؛ ما قد يساهم في تنشيط السوق الثانوية للسندات والصكوك؛ لتكون أكثر سيولة وعمقًا من السابق. أخيرًا، في ظل قيام البنوك التجارية وشركات التمويل العقارية بتمويل النشاط العقاري بقروض طويلة المدى، تجاوزت قيمتها 100 مليار ريال حتى الآن، فإن البنوك وشركات التمويل حتمًا لن ينتظروا استحقاقات هذه القروض التي قد تمتد لفترة تزيد على 20 أو 25 عامًا للقيام بإعادة التمويل؛ وعليه فإنهم - بلا شك - سينشطون بعمليات «التوريق» من خلال بيع هذه القروض على شكل أوراق مالية إلى مستثمرين يبحثون عن منتجات دخل ثابت، تعطي عائدًا مغريًا، ومن ثم يتم استخدام متحصلات البيع هذه لتمويل قروض لعملاء آخرين. وهذا أيضًا سيوسع قاعدة الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين من خلال فرصة استثمارية مبتكرة، قد تلبي احتياجاتهم المالية المختلفة.