«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية: نقترب الآن من موعد الإعلان موازنة عام الجديد 2017، وتتزايد المستجدات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.. والتي بات من المتوقع بشدة معها تباين اتجاه الأسعار العالمية للنفط والتي لامس معها خام برنت لأول مرة منذ عامين تقريباً مستوى ال 56 دولاراً للبرميل، بعد أن كان متوسط العام الحالي 2016 يدور حول مستوى 42 دولاراً للبرميل.. ومن المعروف أن هذا المستوى الجديد الذي بدأ يلوح في الأفق يمثل أفقاً جديداً للاقتصاد السعودي الذي يستعد للإعلان عن موازنة العام الجديد.. وخلال الأسبوعين الحاليين ارتفع سقف التوقعات لأسعار خام برنت من متوسطات 40 - 42 دولاراً للبرميل إلى متوسط يفوق ال 50 دولاراً للبرميل، حتى إن أفضل هذه التوقعات تتوقع مستوى 52 دولاراً كمتوسط عام 2017، وهو ما يزيد بنحو 10 دولارات عن متوسط عام 2016. وبناءً على تقدير 52 دولاراً نكون قد رفعنا متوسط قيمة الإيرادات الحكومية النفطية بما يعادل 24 %، أي بمقدار الربع، وهو ما يعطي احتمالا بارتفاع مستوى الإيرادات الحكومية المقدرة في الموازنة من 514 مليار ريال لعام 2016 إلى مستوى 636 مليار ريال كإيرادات مقدرة للعام الجديد 2017.. وتحت افتراض نفس مستوى النفقات الحكومية للعام المقبل 840 مليار ريال، فإن حجم العجز المقدر في الموازنة السعودية يقدر بنحو 204 مليار ريال. أما السيناريو الأعلى احتمالاً (السيناريو المعتدل)، فهو توقع بلوغ الإيرادات الحكومية نحو 636 مليار ريال بناء على متوسط سعري للنفط بنحو 52 دولاراً للبرميل، وانخفاض مستوى النفقات الحكومية المقدرة إلى مستواها في عام 2011 قبل الصعود، حيث كانت تقدر بنحو 804 مليارات ريال. وهو ما يدعم استقرار سياسة ترشيد الانفاق التي تبنتها الحكومة بنجاح منذ العام الماضي. وهذه السياسة مؤهلة لأن تترجم على الأرض بتراجع حقيقي في مستوى الإنفاق الحكومي الذي من الواضح أنه تم تقديره في 2016 بناء على متوسط للسنوات الأربعة (2012-2015) عند متوسط 840 مليار ريال. وتتوقع وحدة أبحاث «الجزيرة» أن يتم هذا العام اللجوء (كأحد الاحتمالات) إلى مستوى النفقات الفعلية لعام 2011 والتي بلغت 804 مليارات ريال، لأنها تمثل المستوى الأمثل لتقدير النفقات الحكومية والذي جاء في فترة توسع حقيقي ليس في الطاقات الإنتاجية للاقتصاد الوطني، ولكن أيضاً في ظل فترة توسع حقيقي في الإيرادات الحكومية والتي بلغت حينها 1110 مليارات ريال. وفي سياق توقع مستوى إيرادات حكومية 636 مليار ريال، وتوقع مستوى نفقات حكومية بنحو 804 مليارات ريال، فإن مستوى العجز المقدر لن يتجاوز 168 مليار ريال، وهو أفضل السيناريوهات المتوقعة لموازنة العام الجديد، والتي إن طرحت بهذا الشكل يتوقع معها أن تبدأ موجة توسع جديدة بإذن الله. أما السيناريو ثالث وهو الأعلى تفاؤلاً، من المتوقع حدوث ارتفاع قوي في الإيرادات الحكومية المقدرة يصل إلى 715 مليار ريال، وذلك اعتماداً على توقع زيادة الإيرادات النفطية بنسبة 24 % عن مستواها الفعلي في 2015، مع افتراض بقاء مستوى الإيرادات غير النفطية على ما هي عليه في نفس العام.. وفي نفس الوقت نفترض أن سياسة ترشيد الإنفاق قلصت من مستوى النفقات الحكومية إلى مستوى 804 مليارات ريال، وهو السيناريو الذي يفترض رفع الإيرادات وتخفيض النفقات في نفس الوقت.. ويتوقع هذا السيناريو تراجعاً في مستوى عجز الموازنة المقدر إلى مستوى 89 مليار ريال، بشكل يكاد معه يتلاشى العجز الحالي. وبشكل عام، فإن كل السيناريوهات المتوقعة للعام الجديد 2017 تمثل أوضاعاً إيجابية عن تلك المتوقعة في بداية 2016، نظراً للتحسن الواضح والملموس في الأسعار العالمية للنفط.