غيرترود لوثيان بيل هي الكاتبة، والشاعرة، وعالمة الآثار، والرحالة، والمحللة السياسية، والجاسوسة، والدبلوماسية البريطانية الاستثنائية التي لعبت دورًا سياسيًّا في البلاد العربية، وأُطلقت عليها ألقاب كثيرة، منها: ملكة العراق غير المتوجة، وملكة الصحراء، وابنة الصحراء، والخاتون. وُلدت بيل في واشنطن هول، مقاطعة درم في إنجلترا في 14 يوليو 1868 من عائلة ثرية مرموقة. تتسم شخصيتها منذ طفولتها بالجسارة والجرأة لدرجة التهور. وفي عمر 16 عامًا التحقت بجامعة أوكسفورد (قسم التاريخ)، وتخرجت خلال سنتين، وكانت أول فتاة تحصل على مرتبة الشرف الأولى في التاريخ. وفي ديسمبر 1913 قامت برحلة من دمشق عبر الصحراء إلى حائل. عندما وصلت غيرترودبيل إلى دمشق شرعت للتخطيط للقيام برحلة عبر بادية الشام للوصول إلى حائل؛ لتصبح ثاني امرأة إنجليزية تزور حائل بعد السيدة آن بلنت. في رحلتها إلى حائل سعت بيل للاتصال بالتاجر القصيمي محمد البسام، أحد تجار عنيزة المقيم في دمشق، وتحدثت إليه بالرغبة في القيام بهذه الرحلة، وقد أشار عليها بأن الطرق سالكة إلى حائل، كما اقترح عليها تقديم الهدايا لأمراء القبائل وأمراء حائل، كما طلبت منه أن يشتري لها رواحل من الإبل، ويختار لها المرافقين. وقد كتبت في مذكراتها أخبارًا عديدة عن هذه الرحلة، وأنها كثيرًا ما اعتقدت أنها دخلت إلى كوكب آخر، وأنها تعيش أجواء ألف ليلة وليلة الحقيقية. وقد سجلت ذلك في رسائل لتكون أول امرأة في التاريخ الحديث تدون مدوناتها السياسية والتاريخية في رسائل. كان لجواري الأمراء مكانة في داخل القصور، كما كان لهن الكلمة المسموعة. كان من بين الشخصيات التي التقت بها غيرتروبيل تركية، إحدى جواري الأمير محمد بن رشيد، اللاتي كان السلطان العثماني عبدالحميد قد أرسل بهن كهدايا ضمن أربع شركسيات إلى الأمير محمد بن رشيد. وحين قدمت غيرتروبيل إلى حائل بعث بها وكيل أمير حائل «إبراهيم السبهان» للترحيب بها في حال عدم معرفتها للعربية. وقد رافقت تركية بيل طوال مدة إقامتها في حائل التي بقيت بها قرابة أحد عشر يومًا. وحين التقت بها في أول لقاء وصفتها بيل بأنها «ترتدي رداء قطنيًّا خفيفًا، لونه أحمر وأرجواني، وفوقه الجلباب، وتضع وشاحًا مصريًّا مطرزًا على رأسها، وسلاسل من اللؤلؤ الخالص مع حبات من الزمرد والياقوت تطوق رقبتها، وقلائد طويلة من الرقبة إلى الصدر، وأسورة حول معصمي يديها من الذهب الخالص المرصع بالألماس». كما وصفتها بأنها «تحب الثرثرة». أما تركية فتروي قصتها بالتفصيل لغيرترودبيل، وقصة مجيئها لحائل، فهي ابنة أحد الجند الشركسيين، وبعد طلاق والدتها عادت مع أمها إلى تركيا حيث عاشت طفولتها البائسة هناك. وفي إحدى المرات تقول إنها ضلت الطريق وهي تحمل أخاها على كتفها، والتقطها بعض الناس، وقاموا بنقلها إلى بورصة، وفي بورصة تم بيعها إلى امرأة عجوز من أهل إسطنبول، وقد بقيت في إسطنبول مدة حتى قاربت سن الزواج، ثم تم نقلها عبر البحر إلى جدة لبيعها، ثم أرسلت إلى المدينةالمنورة حيث مكثت خادمة في أحد بيوت الأشراف لمدة سنتين، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مكةالمكرمة كخادمة لبيت عجوز، تدعى «هدية»، وهناك وقعت في حب صبي فارسي للعجوز بالتبني، وبعد أن وعدتهما بالزواج سافروا جمعيًا إلى نجد، وفي نجد جاء وكيل الأمير محمد بن رشيد لرؤية هدية، ربما من اتفاق سابق منها، واقتيدت تركية إلى قصر محمد بن رشيد، وقد اعتبرها بمنزلة ابنة له. وقد منحها محمد الرشيد منزلاً، وزوّجها من عبيد الغريميل. كانت علاقة تركية بنساء آل رشيد علاقة قوية وطيدة، فحين استقبلت والدة الأمير آنذاك «سعود بن عبدالعزيز» الأميرة موضي بيل كانت تركية هناك؛ لتقوم كما تصفها بيل بدور «مقدمة السفراء». وأخيرًا، تقول عنها بيل: «إنها سعيدة جدًّا عدا ذكريات مؤلمة، تتعلق بإنجابها سبعة أطفال، مات ستة منهم بعد الولادة مباشرة، وواحد مات بعد سنة، وقالت إنها متزوجة منذ 19 سنة، وتفتخر بأن زواجها استمر فترة طويلة، في حين أن غيرها من النساء قد تتزوج وتُطلَّق مرات عدة». لم تقتصر غيرتروبيل على ذكر تركية؛ فقد ذكرت العديد، منهن لولوة التي التقتها في أول قدومها لحائل مع تركية، والتي قالت عنها إنها تقوم بوظيفة وكيلة للبيت، وكانت تقيم مع زوجها في حائل منذ زمن محمد بن رشيد، وقد قتل زوجها مع عبدالعزيز بن رشيد. كما التقت زوجة سعيد دون أن تذكر اسمها، أحد عبيد محمد بن رشيد، وقد وصفتها بقولها «وكانت هذه الزنجية رشيقة وجميلة، وذات صوت جميل وناعم». وقد قالت عن زوجها سعيد «ليس هناك من أحد أقوى منه». حفلت كتب الرحالة الأجانب بذكر أخبار العديد من العبيد والجواري وأدوارهم، فقد أشار غوارماني إلى أن الأمير طلال بن رشيد كان يمتلك 800 عبد، وابنه بندر 300. في حين أشارت الليدي آن بلنت إلى أن الأمير محمد الرشيد قد ترك بعد وفاته 800 عبد. ومن أمثال هؤلاء العبيد «جوهر» عبد الإمام فيصل بن تركي، الذي وصفه بلجريف ب«وزير للخزانة»، ومهنم «عنيبر» الذي وصفه داوتي بأنه كان شخصية كبيرة في حائل فيما يتعلق بشؤون الإمارة في عهد طلال الرشيد. وبعد، فإن الجواري والعبيد وما يقومون به من أدوار يستحقون الاهتمام في الدراسات الحضارية، فهل نجد دراسة جادة تعنى بذلك؟