لقد تلقيت بحزن بالغ وأسىً شديدٍ نبأ وفاة من هي بمنزلة الأم: (أم عبدالله) العجلان رب اعف عنها وأكرم نزلها ووسّع مدخلها واغسلها بالماء والثلج والبرد ... أجل.. جبر الله قلوباً بادية اللوعات على الأليفة.. بالذات أنها كانت لدينا بمنزلة الوالدة، فهي زوجة أبي السابقة.. أعني (منائر) قلوبنا و.. صاحبة القلب الكبير الوضيء.. العطوف الرؤوف والأم الرؤوم التي عاملتنا بابتسامتها وآلفتنا برقتها وأسرتنا بطيبتها لم تكن الفقيدة يا آل العجلان.. «منيرة بنت عبدالله المرشد» أمكم وحدكم، بل أمنا نحن أيضاً ولم تنر عليكم وحدكم، بل أنارت دنيا كل من عرفها أو خالطها.. لأنها ذات نقاوة وصفاء وتلقائية لم تذق من الدنيا ما يغري إذ غشيها من الداء حتى فتها .. وفي السنين الأخيرة زاد دركه.. ولم تعد تحرّك شيئاً من أعضائها.. كذا كانت وإلى ربها على ذي الحال آلت فنسأل من عزَّ اسمه وعلا جاهه أن يجعلها من أهل الصبر، ومقام من قال بأهله سليمان بن القاسم: «كل عمل يُعرَف ثوابه إلا الصبر».. ثم تلا بُشرى المولى تعالى: (إِنَّمَا يُوفى الصَابِرُونَ أَجْرَهُم بغير حساب)، فعلق «كالماء المنهمر». ذهبت (مع الذاهبون الأوائلُ).. إلى ربها وأبقت بقلوبنا سريرة.. وجداً لها خالصاً من كل الشوائب، لأنها ليست على شيء تعاتب.. بل لها علينا منه أثر لها يحمد حين يذكر: ولا يمحى.. الابتسامة، الرضا كذلك.. فيما المؤانسة كانت لدينا هي أبرز عناوينها.. مضت شاكرة لأنعم ربها وثنائها على عطايا المولى لا يفتر لسانها لها حامداً كما لم يبرح ذهنها أن يمتلئ شكراً لربها فيا رب ارحم حبيبتنا ذات النفس الجميلة التي إليك صعدت واجعلها في منازل السعداء بمفازة عن الأشقياء واغفر للغالية زللها أو تقصيرها وتلقاها بقبول حسن واجعل دارها جنة عدن ومقعدها عندك من الصديقين يا مليك يا مقتدر والعذر أمام رهبة الموت ما أنشده المخزومي: غَرّدَ حادِي (البَينِ) وانشقتِ العَصَا فأصبَحْتُ مَسْلُوبَ الفُؤَادِ مُفَجعَا كفَى حَزَناً مِن حادِثِ الدهرِ أنني أَرَى البَينَ، لا أَستطِيعُ للبَينِ مَدْفَعَا