تجذبني تقارير وأخبار «هيئة الأرصاد وحماية البيئة العامة», أتابعها بشغف.. أتماهى مع مفردات المطر, والبرد, والصقيع, والثلج, والدفء, والغيوم, والسحب, والصحو, والضباب, والغيوم, والبروق, مع حركة الموج في البحر, مدِّه وانحساره, والهواء عذب نسيمه, وسطوة ريحه, وتمادي رياحه, مع حالة المناخ حيث أكون, وأجواء الطقس حيث يعم, ربما هناك شبه بين الإنسان في مزاجه, ومجازاته, وبين الطقس, ومناخاته, ربما هناك تكوين أبجدي في عجينة المكنون بينهما.. أو ربما لأنّ الشتاء أقدَر على استحضار مناخات النفس البشرية , وإشاعة طقوسها بحيث لا يقاومها إنسان في بقاع الأرض يتآلف والمواسم, ويتكيف مع استدعاءاتها..! أو ربما لأنّ الاعتيادية اللازمة لإيقاع الحركة اليومية لإنسان الأرض تجعله مهيأً للدهشة, ولا أجمل منها هذه الدهشة التي يولدها الطقس, ومواسم المناخات.. مع أنّ مخازن الأسمنت التي تحجبنا عن السماء في رماد غيمها, أو نشوة صحوها لم تقو على جموحنا للجمر, والثلج في المجازين لانبعاثات خواطرنا , وتفاصيل إحساسنا !! ومع أنّ «هيئة الأرصاد وحماية البيئة العامة» بدأت منذ يومين تبث أنباء الأمطار الرعدية , بما يدر المخيلة بمشاهد خرير المزاريب, وبلل الأسطحة, واغتسال الشجر, والحجر, وانزواء الدواب, والبشر, وإغلاق النوافذ, ومواربة الأبواب, وزخم التراب المبلل يعبق الأنوف, وصدى الريح الزمهريرية, وصوت النار في مواقدها.. ومع أنّ «الدفاع المدني» اتخذ فأطلق إنذاراته للابتعاد عن مجاري السيول, ومواقع المياه تجتمع عند منحدر, أو بؤرة, أو منخفض.. إلاّ أنّ جمال طبيعة الشتاء الفاتن, يغري بانتظاره.. يحرض للتماهي معه.. يدعو المفاتيح المهملة أن تلج في الأبواب الصدئة من فرط الصمت!! ليتكلم في الإنسان حسه, وليبوح بشوقه لبروق الرعد, وليتأمّلَ مشي الغيمات الهوينى, وليصغيَ لنزول المطر المنعش, ولصوت الطبيعة الخلاب.. وهي تتضافر في نسيج معزوفتها البديعة أوراق الشجر, وأجنحة العصافير, ولهب الحطب, وتلك الشالات الملتفة حول الكتوف, والأعناق, وثمة أبخرة تتصاعد عن الأنوف, والأفواه, كأنها الطُّرق المنسابة في لوحة جمال رباني فاتن ترسم للمبدعين خريطة بوح !! ..........