بهذا المفتتح شرع مهرجان الشارع الثقافي بالرياض أبوابه للزائرين بمنصات متعددة، تحكي هويتنا، وترسم ثقافتنا بأشكال شتى.. إنه انبثاق في جسد الشارع، الشارع الكيان الصامت المتصل في متون أسراره بالبشر والزحام والمارة وأضواء السيارات وضوضاء المدينة.. ولكل شارع حكاية لم تُحكَ بعد.. فكان الشارع الثقافي تحت إشراف أمانة منطقة الرياض دفقة أولى على فضاء الإبداع.. حياة بسيطة، بمحبة كبيرة.. ولوحات تقترح للحياة حياة.. وشوارع تصغي لنا.. إبداعات بدأت من الشارع.. ومواهب انطلقت منه.. تمشي على قارعة الطريق.. والرصيف قصائد وألوان وشعر.. استثمر الشارع الثقافي ال«36» فعالية، ينقلنا إليها الباص السياحي ببهجة.. تمشي ليأخذك الجمال نحو الكتابة فتكتب في لوحات متعددة كلمة لوطنك.. وتمشي فيبهرك الجدار الملون ومبدعوه في الرسم والجرافيتي والكاريكاتير واللوحات التجريدية والرسم على الرمل.. جميل. وبعد كل منصة تقابلك شخصيات لعلماء الفلك والفيزياء والرياضيات.. كابن الهيثم والرازي وأبي حيان.. وتفرح لضحكة طفل، رسم على وجهه ما كان يتخيل.. وآخر يرسمه رسام مبدع، فيشاهد نفسه مرسومًا بريشة.. أو تحت وطأة الفلاش الضوئي ليأخذ لنفسه صورة.. ولا ننس مبادرة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لنشر ثقافة القراءة والاطلاع على الكتب، ومشاركة الأطفال في هذا المشروع الكبير المتنقل لمصادر التعلم والإثراء المعرفي، وخصوصًا في فترة الإجازة السنوية. الأنشطة مختلفة، ومتعددة وجميلة.. فالفن أجمل ما يكون على الشوارع والطرقات، لكن هل اكتفى الشارع الثقافي بهذا الحد، واكتفينا نحن الزائرين؟! عن نفسي، تمنيت الاعتناء بفن الخط العربي وإظهاره بشكل يشبع نهم المهتمين؛ فلم أجد سوى خطاط واحد فقط، يحرك أصابعه بقلم خط متواضع؛ ليخط بحرف ديواني جميل للزوار المصطفين حول منصته وتصوير آلة إبداعه الجسمانية.. فأسماؤنا تصبح شهية كلما كُتبت بإتقان. كما تمنيت أن يتجلى الشارع بالمنصات التي يرى الزائر فيها موهبته، ويقدمها للناس كمشاركة تفاعلية جادة. أما الركن الشعبي فكان يفتقر لبعض الألوان الشعبية وثقافة اللعب في كل منطقة، أو على الأقل منطقة الرياض؛ ليأخذ الزائر فكرة واسمًا ومسمى ومعلومة (على الطاير) وقطعة فرح. و(موسيقى) نعم بحاجة لفن الآلات الموسيقية والمبدعين الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي.. وتمنيت وجود مسابقات تفاعلية مع الزوار، وربطها بالسوشيال ميديا.. كأفضل صورة مصورة.. وأفضل لوحة.. وأفضل رسمة.. وأجمل منصة جاذبة للزوار.. لكل يوم.. وأصغر قارئ في المكتبة المتنقلة.. ولقاءات مع زوار المكتبة وانطباعهم عنها ومدى نجاحها.. ونقل شيء بسيط من هذا التفاعل اليومي لمدة ثمانية أيام عبر القنوات المهتمة بالشأن المحلي الثقافي لإيصاله لأكبر شريحة.. وتكراره على مدى السنوات القادمة مع تنوع الأماكن والمدن؛ لتعم الفائدة والبهجة ومتعة الترفيه في بلادنا ولو بأبسط الإمكانيات.. وستكون انطلاقة الشارع الثقافي هي البذرة التي يتمناها كل فرد يبدع مع الناس وبين الناس وإلى الناس. وختامًا، أنهيت جولتي.. وفي نهاية الممشى ابتسامة مجسمة تودعنا بعبارة «أنا أحب الرياض». فقلتُ: ومن لا يحب الرياض فليس منا. - إيمان الأمير