تجوب أرجاء المستشفى ذهاباً وإياباً؛ كالنحلة في نشاطها وتعطي المرضى من رحيقها، وتخدمهم بكل ما أوتيت من قوة؛ هكذا هي الممرضة شمعة تحرق نفسها من أجل أن تضيء حياة الآخرين، الممرضة أشبه «بالأم» في حنانها وتفقدها لأطفالها؛ بينما هي منشغلة بتحضير الدواء للمرضى وإذا بها تتفاجأ بقدوم زميلتها الممرضة حاملة ابنتها مذعورة وهي تهتف: ساعدوني فابنتي مصابة بالحمى وأود أن تتلقى العلاج في إحدى غرف التنويم فغرف الطورائ مكتظة بالمرضى ومزدحمة! رمقتها (ياسمين) بنظرة حادة وأشارت بامتعاض إلى إحدى الغرف الشاغرة فذهبت (علياء) بابنتها مسرعة؛ ياسمين مازالت تحمل في قلبها بعض الضغينة تجاه علياء لأنه مؤخراً نشب بينهما خلاف شخصي، هذا الخلاف جعل ياسمين تنسى وظيفتها الأساسية الآن وهي أن تقدم واجب العناية التمريضية لابنة علياء، أبدت انشغالها وعدم مبالاتها في حين أتت لها علياء طالبة منها العون كي تساعدها في تهدئة ابنتها التي لا تنفك من الصراخ؛ في حين حدقت ياسمين في وجهها وأبدت اللامبلاة في الأمر، لكن علياء لم تفقد الأمل فسألتها مرة أخرى أن تأتي معها إلى حيث الطفلة وأخيراً أومأت لها بالموافقة وذهبت إليها على مضض لتتفقدها فإذا بالطفلة تبكي وتصرخ خائفة، تحرك جانباً من الشعور عند ياسمين وربتت على رأس طفلة علياء وحاولت تهدئتها وملاطفتها ومداعبتها حتى تهدأ. بعد مضي عشردقائق خرجت ياسمين من الغرفة وعادت إلى ملفاتها تتفقد أحوال مرضاها في حين فاجأتها علياء باحتضانها وهي تهتف ممتنة لياسمين: شكراً جزيلاً لك ياسمين لن أنسى لكِ هذه الخدمة الإنسانية. رفعت ياسمين حاجبيها باستغراب: ولكني لم أصنع شيئاً يستحق الشكر! ردت علياء: يكفي استجابتك لتوسلاتي وتهدئتك لطفلتي؛ فأنت لا تعلمين كم أرحت لي «قلبي» ابتسمت ياسمين وكادت تبكي من الخجل، انكمشت جانباً وجعلت تحادث نفسها ( ماذا فعلت؟ أكانت تعجزني أن أقوم بعملي تجاه هذه الطفلة!؟ لماذا لم أترك الأحقاد جانباً؟ فماذنب هذه الطفلة في ماحدث بيني وبين والدتها؟ فالعمل التمريضي إنساني بالدرجة الأولى ولا علاقة له بالمشاكل الشخصية والعائلية فهذا واجبي تجاه الله تعالى). أخذت قطعة من الحلوى وذهبت بها إلى طفلة علياء؛ انحنت تقبل رأسها فابتسمت الطفلة وأخذت الحلوى بكل براءة.