«تأملات في محراب ملامحه» للشاعر د. سعود اليوسف في محراب الأبوة تخترق الكلمات صفوف الأفكار لتقلبها من سياقها التقليدي إلى شيء آخر. «تأملات في محراب ملامحه»: المحراب: نقطة الالتقاء بين التأمل، والتقاسيم: تقاسيم الصوت، تقاسيم الهدوء، تقاسيم الذات، والانكسار والضعف، ضعف الابن وعجزه عن بلوغه مجد والده. المجد الذي ترتكز عليه القصيدة بكاملها بدءًا من المفردات والقافية الممدودة والتي منحتها موسيقى توحي بالاعتلاء: الضياء، السماء، الارتقاء، احتفاء، الكبرياء، حتى لكأننا نقرأ من خلالها ثرمداء! ترى هل استدعى الشاعر هذه القافية للتعبير عن كيان واحد: ثرمداء ، ووالده؟ ولهذا لم يصرح بها الشاعر، إذ إن المدينة تضم غيره من البشر لكن الأب هو ثرمداء ، هذا المزيج الثلاثي بينه، ووالده، والأرض هو «صوت برائحة الطين»: ترتمي القصيدة على صدر العنوان بتفاصيلها تمامًا كما يرتمي الابن على صدر والده. كما يتجلّى هذا المجد أيضًا في انتقاء الصور، إذ إن الأرض تستجدي الانتماء له: «لتكاد عنك الأرض تسأل حين تذهلها لتمنحها قداسة الانتماء من طينها قد صاغك الرحمن أم طين الضياء)». وصولاً إلى الرؤية الكلية للقصيدة والتي جمعها في الإهداء بقوله: «إلى أبي إجلالاً لم يصل إلى حد التقديس». ومن اللافت أننا لا نجد في القصيدة مفردة الأب صريحة والتي كثيرًا ما تكتب في أي جنس أدبي في هذا المجال، خرج عن هذا النسق لتكون ياء المتكلم في (أبي) هي الطين الذي دارت حوله تجليات القصيدة، والمسافة التي بينه وبين الضياء والتي اختصرت في محراب الأبوة.