يتطلع الرئيس اليمني المخلوع لحشد غير مسبوق من أنصاره وحلفائه الحوثيين لتزكية «المجلس السياسي» الذي أعلن عنه مؤخراً، لتولي إدارة ما تبقى من الأراضي الواقعة تحت سيطرته، تحوّل المخلوع «علي عبد الله صالح» إلى ثائر جديد!، رجل يقترب من الثمانين يقود انتفاضة مسلحة ضد شعبه ! يتحدث عن مبررات وقوفه في وجه الرئيس «هادي» الذي جاء به إلى السلطة، ودعانا إلى انتخابه، ثم يعتذر بطريقة دراماتيكية عن المفسدين الذين قال إنه تطهر منهم، دون أن يُقدم استقالته من العمل السياسي كإجراء عقابي يقوم به أي حاكم في العالم أدين نظامه بممارسة فساد متصل على مدى ثلاثة عقود!. - لا أحد يخجل في اليمن، إنها مشكلتنا المؤرقة مع السياسيين، يقترفون الجرائم والأخطاء، ولا يتوارون!، وتجد أشياعهم مستعدون للقتال عن انتهاكات خطيرة في حقوق الإنسان والأعمال التنفيذية العليا، وخيانة قسم الدستور، والتلاعب به، مثلما يحدث اليوم مع مجلس النواب الذي لم يكتمل نصابه، لتجد من يُكمِل العدد بالعوام المحتشدين في السبعين عناداً في رئيس حقيقي جاء من الجنوب! - صالح يتقمص اليوم دور «توكل كرمان»، يذهب إلى ميدان السبعين وسط لفيف من أنصاره ومريديه، يصرخ بأنّ «الشعب يريد إسقاط النظام»!، فيما أنقذت «توكل» نفسها بالخروج من عباءة الثورية التي سمحت لها سنين عمرها الفتية خروجاً على حاكم طويل الأمد، لتستقر في صلب الدولة التي اختارتها بعد أن رأت الحوثيين يقبلون عليها بعيون شريرة !. - لقد استطاع الساحاتيون الذين خرجوا للمطالبة بإسقاط النظام اليمني في 2011م انتزاع «علي عبد الله صالح» من كرسيه إلى الشارع ليمارس دورهم، ويقود ثورة مضادة بالتعاون مع شركاء الاحتجاجات القاسية .. «حميد الأحمر» الذي غادر إلى تركيا قبل أن ينقض الحوثيون وبقايا رجال صالح على صنعاء، يقهقه ضاحكاً من شرفته المطلة على جسر البوسفور بمدينة أنقرة الساحرة، لقد استطاع نزع كل أغطية الرجل القوي، تركه في السبعين محاولاً لملمة سُلطته المبعثرة وإحصاء رجاله وأنصاره، تماماً كما كان يفعل في 2011م، إلا أنّ «الأحمر» الشاب الذي فقد بعض شركاته الخاصة، لم يكن موظفاً رفيعاً في دولة «صالح» المنقرضة، فما فقده في صنعاء استعاده في اسطنبولوأنقرة وألمانيا بتجارة مفتوحة عبر العالم . - «حميد» تاجر حاذق، يمتلك قوة مشيخية ستعيده إلى الوطن ذات يوم، وأما صالح فموظف كبير، وسابق فقد نظامه ومنازله، حاصر عائلته وحزبه، وأقحم كل الوجوه المخبأة في حرب متصلة على نفسه، جاء بالحوثيين من أقاصي صعدة ليسقطوا نظامه، ويؤسسوا كيانات موازية بداخل الدولة التي يفترض أنه بناها «طوبة طوبة» كما قال في خطابه الأخير!. - من الصعب أن يكتشف رؤساء العالم أنّ هذا الرجل العجوز كان رئيساً مثلهم، يحضر قمم الرؤساء، وتُعزف لأجله موسيقى الفرق العسكرية، فينتهي إلى ثائر منتحر مثل «جيفارا» الذي تستهوي صوره المغفلين الصغار!. - غرائز الانتقام جعلت «صالح» رجلاً آخر، كشفت عن وجه مخيف لرئيس سابق، رئيس يُساق إلى الشوارع مندداً بالنظام !، شأنه شأن المراهقين «رضوان الحيمي وفارس أبو بارعة»، مقاتل مشبوه في معركة بلا أفق، تدمير ذاتي لموظف حكومي يسحق طاولته ويرمي بكرسيه من النافذة، ويحرق مكتبه، ثم يخرج إلى ميدان السبعين حيث يُطل بائع القات النتن «صالح الصماط» برأسه محيياً الجماهير التي جاءت لتأييده رئيساً !، فيما يقبع الوريث المحتمل لرئاسة أبيه مُقيّداً في دولة أخرى !. - صار «صالح» نسخة أخرى من بقايا الغوغائيين الذين قاتلناهم في 2011م، مراهق عجوز يعشق الخداع، يئن كشاب ضائع حرمته السلطات من وظيفة كريمة، ومنزل مستقل، تصوروا أن تكون هذه هي النهاية .. نهاية الرجل الذي انخدعنا به كثيراً . .. وإلى لقاء يتجدد.