استجمع قواه وتمسك بثقته بنفسه وبموهبته وأخرج بطاقته البنكية ليدفع مصاريف تذكرة السفر ليشارك بأولمبياد البرازيل جالسا بمقعد الطائرة كاليتيم حيث قطعت اللجنة الأولمبية الدولية النور والماء والكهرباء عن اتحادات بلاده الرياضية عبر إيقاف غير قابل للحل منذ زمن ..!! ولأنه الرامي فهيد الديحاني العسكري الكويتي الموهوب المتمسك بالقوة الداخلية المحفزة والروح والثقة فقد سار إلى حيث أكبر إنجاز تحققه بلاده بالأولمبياد عندما اقتنص ذهبية منافسات الحفرة المزدوجة ليسعد كل العرب وكل الخليج .. وهنا يبدو السؤال منطقيا : هل للخطط والإستراتيجيات والدراسات والعمل الاحترافي دور في إنجاز «الديحاني» أم أن الإنجاز صدفة لن تتكرر ؟؟ كيف للديحاني الذي سافر على حسابه الخاص متلحفا روح الكويت وحاملا لعلم الأولمبية الدولية أن ينسف كل المباديء التي زرعوها لدينا لصناعة بطل أولمبي ؟ وليس الديحاني وحده بل حتى دول فقيرة الإمكانات يحقق لاعبوها ميداليات أولمبية رغم أن الإنترنت ربما يكون مقطوعا عن لجانهم الأولمبية ..!! دعونا من ذلك .. البرازيلية رافاييلا سيلفا والتي تعيش بمدينة سيداد دي ديوس (مدينة الرب) وهي واحدة من أفقر الأحياء في البرازيل وتبعد عن القرية الأولمبية مسافة عشرة كليومترات أهدت ميدالية ذهبية لبلادها بمنافسات الجودو وقالت دون خجل : أهالي المنطقة سيباركون لعائلتي، التي لا تملك المال للقدوم إلى هنا». سيلفا هي نتاج بيئة فقيرة جدا لكنها استفادت من موهبتها واحتضنها مشروع تأسس على يد فلافيو كونتي الفائز بالميدالية البرونزية في أولمبياد أثينا لرعاية 1200طفل بالبرازيل . كل تلك المعطيات تؤكد أن الاساس الكبير للحصول على المنجزات الأولمبية ليس بالورق وإطلاق الوعود والخطط البراقة ولا حتى بالعمل المطلوب والخارق من قبل اللجنة الأولمبية بل لعوامل يؤكدها واقع أبطال الأولمبياد وهي الموهبة والعزيمة والإرادة للنجاح لدى اللاعب والقدرة على تفجير كل طاقاته ووجود مرتكز قوي للعلاقة بين الأسرة والاتحاد الرياضي الذي ينتمي إليه اللاعب فالإرادة تصنع المستحيل والدافعية الداخلية أكبر قوة تساند عوامل الدعم والتخطيط فبدون ايمان اللاعبين وعزيمتهم ستتطاير كل أوراق الإستراتيجيات للهواء ..!! لكوني قريبا منها فإن تجربة اتحاد الكاراتية السعودي الانموذج الامثل لتكوين الأبطال الاولمبيين فهذا الاتحاد يعتبر اللاعب رقم واحد وبعده بمسافة كبيرة الإداريين ويعتبر أسرة اللاعب ومدرسته ومقر عمله الشريك الأجمل لنشاطاته لذلك أصبح لاعبو الكاراتيه عالميين حقيقة وليس تضليلا بل وصل المنجز لإزاحة أبطال العالم منتخب مصر من صدارة البطولة العربية بالأردن قبل أسبوع ليكون الأخضر بطل العرب بكل جدارة وسط ذهول كبير من المصريين .!! صناعة البطل الأولمبي ليست عملية صعبة في بلد كالمملكة العربية السعودية المترامية بمواهبها ونحن صعبنا الأمر على أنفسنا لأننا أنشأنا كل الإمكانات اللازمة والمنافسات حصرا على ثلاث مناطق تقريبا فيما البقية تعاني من إهمال ذريع وكأنها خارج حسابات المسؤول!! كما أن الخلافات الشخصية تطغى على العمل المؤسسي وهو الأمر الأخطر فتاكة لذلك فالمراهنة على استمرار الخطط الحالية للجنة الأولمبية بعد رحيل قيادييها الحاليين هو أشبه بالمراهنة على فوز فيتنام ضد الأرجنتين !! لقد نجح اتحاد القوى او لنقل أنقذ اسم بلدنا في الأولمبياد الأخير حيث غالب البعثة الصغيرة من نتاج الأمير نواف بن محمد فيما بقية الاتحادات بالعسل نايمين !! اليوم لدينا بارقة جديرة بالاحترام من الأمل يقودها الأمير عبدالله بن مساعد وفريقه الديناميكي باللجنة الأولمبية وهو الأمر المحفز لاسيما وأن بن مساعد أكد قبل أيام أن الاهتمام سيكون للاعب مباشرة .. خمسون عاما تقريبا قيمتها ثلاث ميداليات حصدها العداء هادي صوعان (فضية 400م حواجز) وبرونزية قفز الحواجز للفارس خالد العيد (أين هو؟؟) في أولمبياد سيدني 2000م وفي أولمبياد لندن 2012حصد منتخب قفز الحواجز البرونزية الأولمبية وغاب منذ ذلك التاريخ عن الأولمبياد دون أي توضيح رسمي أو فني !!!! لن تستطيع صناعة بطل أولمبي بعقلية إداري غير أولمبي وكم كنت أتمنى أن تكون بعثتنا المشاركة بأولمبياد البرازيل ضمت الواعدين من الشباب والقيادات الإدارية المرشحة للعمل الأولمبي الفني والإداري ورؤساء الاتحادات القادمين والإعلاميين المهتمين لكي نخطو بثبات واحتكاك ونلهم الجميع للمرحلة القادمة لكن للأسف لم تتحقق تلك الأمنية والتي سأظل أطالب بها لأن العين ملهمة الروح دائما .. لنضع أيدينا مع اللجنة الأولمبية الآن ولندعم خطواتها دون إسراف فالتغيير والطموحات والوعود قائمة وليس من الجميل عدم مد اليد (الآن) لدعم الفريق التنفيذي الأولمبي وهو الأمر الذي لايعني (قطعا) الصمت على الأخطاء أو الممارسات التي قد نرى (إعلاميا) ضرورة تصويبها .. الثقة موجودة وكبيرة فلتصنعوا من جغرافية البلاد ملاذا عادلا لكل المواهب ولتطلقوا الروح النائمة عند كل بطل .. قبل الطبع : ما فائدة الدنيا الواسعة، إذا كان حذاؤك ضيقاً؟!!