أقر مجلس الوزراء السعودي في جلسته الماضية إنشاء أداة استثمارية تمويلية داعمة جديدة بقيمة 4 مليارات ريال سعودي، عبر صندوق الاستثمارات العامة أطلق عليه صندوق الصناديق، وهو صندوق قابض يهتم بالاستثمار الجريء. يهدف هذا الصندوق إلى دعم المشاريع الجديدة للمنشآت المتوسطة والصغيرة في البلاد. لا تعد هذه الآلية أو الصندوق ابتكارا جديدا، إلا أن الجديد في الآلية هو تطبيقها في المملكة العربية السعودية. جاءت تسمية الصندوق من الترجمة النصية للمصطلح Fund of funds، وهي إحدى آليات الاستثمار المعمول بها عالميا. كانت النشأة الأولى لهذه الصناديق في الولاياتالمتحدةالأمريكية 1980م، وانتقلت هذه الصناعة إلى القاره الأوربية بدايات1990م، واستمرت في النمو حتى تجاوز عددها250صندوقا بحسب الإحصائيات الأخيرة. تتسم هذه الصناديق بالجراءة، بخلاف استراتيجيات الصناديق المعتادة، وكذلك القدرة على خوض غمار المشاريع الجديدة وتحدياتها، خصوصا تلك المشاريع ذات الأفكار المبتكرة، كذلك فإن هذه النوعية من الصناديق تتسم بقدرتها على التركز القطاعي و الجغرافي. شهدنا في المملكة تجارب سابقة خجولة في هذا النوع من الاستثمار، من قبل الشركات العاملة في المملكة والمرخصة من قبل هيئة السوق المالية السعودية، ولعل انطلاق هذا الصندوق بدعم ودافع حكومي مباشر سينعكس بشكل ملموس على اتجاه الشركات المالية السعودية نحوها، فمهمة صندوق الصناديق الاستثمار في صناديق أخرى تدعم فكرة رأس المال الجريء، وهذا ما سيفتح آفاق جديدة للشركات الاستثمارية بغية استقطاب هذا الصندوق، وتشجيع المستثمرين أيضا للتوجه للاستثمار بجراءه محسوبة. وبما أن رؤية المملكة وبرنامج التحول يعطيان القطاع الخاص أولوية في مساهمته في نجاح البرنامجين، فإن إضافة أداة جديدة لتمويل المشاريع عنصر مهم في التحفيز، خصوصا وأننا نشهد في المملكة نشاطا ملموسا في عالم الابتكار والاختراعات، وهذا ما نطالعه اليوم في الأخبار والمجلات العالمية عن الطلبة السعوديين هناك، وكذلك الشباب السعودي في الداخل له دور في الابتكار. يأتي الاختلاف الجوهري في تقديري بين صندوق الصناديق وأي برنامج تمويلي آخر كالصناديق الحكومية مثل التنمية الصناعي أو برنامج كفاله أو التمويل التقليدي من البنوك، إلى اختلاف الاشتراطات وآليات وتكاليف التمويل، فالصندوق شريك وغيره ممول، بقبول التمويل هنا عبر صندوق الصناديق وصناديق الاستثمار الجريء التي سيساهم بها سيتمكن المؤسسات الصغيرة والحديثة، وكذلك الشباب تحويل مشاريعهم المميزة والمبتكرة من الورق لأرض الواقع بأقل عبء تمويلي، شريطة أن تيسر وزارة التجارة والاستثمار آليات العمل، وتوفر الأرض الخصبة البعيدة عن الرتابة لانطلاق الاستثمار الجريء في المملكة. ولا شك أن لهيئة السوق المالية دوراً في تشجيع وتشريع هذه المنتجات للشركات المرخصة من قبلها.