دائما قَدَر الأندية الكبيرة ذات الجماهيرية الطاغية وقوعها تحت أنظار المتابعين، فهم يترقبون بين لحظة وأخرى ما يستجد من أخبار في كل الأوقات على مدار العام، لكن الترقب يزداد خلال فترتي الانتقالات الصيفية والشتوية وإنْ كانت الفترة الصيفية في الغالب هي الأكثر متابعة، لأنها تأتي خلال فترة التوقف وقبل بدء الموسم الرياضي، وبالتالي تنشأ حالة من الهوس المعلوماتي والسباق المحموم لدى بعض الجماهير، فتجدهم يبحثون عن أي خبر في أي موضوع يخص فرقهم دون التأكد في كثير من الأحيان من صحتها ، في الأزمنة الماضية كانت بعض إدارات الأندية - وربما لا تزال - تصطفي مجموعة من الإعلاميين وتخصّهم دون غيرهم بأخبار التعاقدات مع المدربين واللاعبين الجدد، أو التجديد مع اللاعبين الذين أوشكت عقودهم على الانتهاء، حتى باتت بعض الأسماء الإعلامية معروفة بالتخصص في أخبار نادٍ معين، وفي وقت من الأوقات كانوا هم المصادر شبه الوحيدة للنادي لدى الجماهير؛ أما الآن مع تنوع سبل انتشار المعلومة في ظل الانفتاح التقني الهائل وازدهار وسائل التواصل الاجتماعي المتجددة بشكل متسارع، أصبحت مسألة الحيلولة دون انتشار أي خبر تتطلب مجهوداً خرافياً وبالذات - كما أسلفت - في الأندية الكبيرة، كما أن المصداقية أوشكت أن تكون عملة نادرة في عصر تويتر وبقية وسائل التواصل، وأظن كل واحد منا الآن استحضر نموذجاً أو نموذجين ممن اصطلح على تسميتهم ب(المتمصدرين)، حيث لا يهم أولئك مصداقية الخبر بقدر اهتمامهم أن يكونوا حاضرين دائماً في المشهد، فالمهم لديهم هو العيش في دائرة أضواء الحصرية الكاذبة والتجمّل بالأخبار التي ليس لها زمام أو خطام ولا تمت للمصداقية بسبب أو نسب، وتقديم سيل من المعلومات دون أن يكلفوا أنفسهم التأكد من أصحاب الشأن عن مدى صحتها ، وهذه بالمناسبة ظاهرة سيئة انتشرت في شتى المجالات، ولم تعد حصرية على الشأن الرياضي فحسب، ولنا في (قروبات الواتساب) وغيرها من وسائل التواصل خير مثال، حيث تزدهر الأخبار المغلوطة والإشاعات المغرضة والمعلومات الخاطئة في المسائل الدينية والصحية والتاريخية وغيرها، كما أن سوق أخبار التعيينات والإعفاءات وزيادات المرتّبات يجد مكانه الرحب في تلكم الوسائل، ويتم تداول تلك المحتويات على نطاق واسع، حتى إذا ما بلغت الآفاق، يكتشف الجميع لاحقا بأنّ ما تم تداوله غير صحيح ! ولو أنهم تأكدوا من مصادر ما يتداولونه قبل المسهمة في نشرها لاختفت تلك الظاهرة السيئة، عسى أن ينتبه الجميع لذلك ويستشعروا أهمية وأد الشائعة في مهدها، خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به بلادنا الغالية وجنودنا البواسل يخوضون معركة الذود عن حمانا في الحد الجنوبي، ورجال أمننا الأبطال يدافعون عنا ضد التنظيمات الإرهابية، ناهيكم عن الهجمات الإعلامية الدولية والإقليمية المنظّمة الموجهة ضدنا، نسأل الله العون والتوفيق والتمكين، لذلك أقول - عوداً على ذي بدء - بأن الأندية الكبيرة أكثر الأندية معاناة مع مختلقي الأخبار لأنّ ذلك من شأنه التشويش على أعمال إداراتها ووضعها في موقف محرج مع جماهيرهم العريضة. نادي الهلال زعيم الأندية السعودية والآسيوية يكاد يكون من أكثر الأندية متابعة على جميع المستويات الجماهيرية حتى من غير الهلاليين ولكلٍ مآربه وأهدافه، لذلك فإن أي خبر يخصه يعد بمثابة الصيد الثمين واسمحوا لي هنا أن أحيي سمو رئيس النادي الأمير نواف بن سعد وأحيي قدرته المذهلة وسط هذه الثورة المعلوماتية، على تضييق دائرة تداول المعلومات بشأن تعاقدات النادي مع المدرب واللاعبين الجدد، حيث استطاع بفضل حرصه وخبرته الإعلامية - كون سموه يحمل شهادة بكالوريوس الإعلام من جامعة الملك سعود - أن يضرب (المتمصدرين) في مقتل، فأصاب سوقهم بالكساد وباتوا مادة للتندر لدى المغردين في تويتر خصوصاً قبيل التعاقد مع المدير الفني الحالي الأورجواني جوستافو ماتوساس، لدرجة أن أحدهم في تويتر وضع صورة مشروب غازيّ إمعاناً في الثقة بأن المدرب القادم اسمه يطابق ذلك المشروب لكنه فوجئ كما فوجئ الجميع بالسيد ماتوساس، وكأن (الجحفلة) باتت علامة هلالية بارزة ليس في المستطيل الأخضر فحسب بل حتى في الأخبار، والحقيقة من شاهد ردة فعل جمهور الهلال الإيجابية تجاه سياسة الأمير نواف في الحرص على التكتم الشديد في موضوع تعاقدات الفريق، وترك الأفعال تتحدث عن نفسها، يؤكد نسبة الوعي الكبيرة التي يحظى بها المدرج الأزرق، ولسان حالهم يقول مادامت السرية ستأتي بالخيارات الجيدة للفريق فأهلاً بها ، ومنذ العشر الأواخر من رمضان المبارك أي قبل أقل من شهر تقريباً وإدارة الهلال في كل يوم لها موعد جميل مع الجمهور، حيث يصبح الهلاليون على خبر جميل ويمسوا على خبر جميل وما كان ذلك ليتم لولا توفيق الله أولاً ثم حكمة سمو رئيس النادي الأمير نواف بن سعد الذي شكّل علامة فارقة وأظهر حباً حقيقياً صادقاً للهلال وجماهيره ومسؤولية مضاعفة إزاءهم، مما يؤكد بأن قبول سموه لكرسي الرئاسة كان لأجل خدمة الكيان وإسعاد عشاقه فقط، ولم يكن أبداً لإشباع رغبات إعلامية ذاتية آنية أو لأجل التواجد المكثف في البرامج، بل إن سموه لا يملك أي حساب في أي وسيلة من وسائل تواصل الاجتماعي، رغم أنه يترأس أعظم نادٍ آسيوي، وهذه برأيي المتواضع هي صفات الرئيس العاشق الحازم الذي يعمل بهدوء وصمت ويستعين على قضاء حوائج فريقه بالكتمان، عاش الهلال وعاش وجه السعد الأمير نواف بن سعد.