هذا عنوان مقال الدكتور إبراهيم التركي العَمر، بغير واو كما يريد لرسم اسم عائلته، مقال ممتع كسائر إبداعاته، فأنت لا تجد عنتًا حين يكتب في موضوع تخصصي جادّ فيثير مشكلة عامة في إملائنًا الذي يقف وراء كثير من أخطائنا، فعلى الرغم من أنَّ (مائة) دعا المجمع اللغوي إلى ترك رسم ألفها لتكون (مئة)، وهكذا تظهر على الورقة النقدية من فئة (100) ريال، نجد كثيرًا من الناس مستمرًا في كتبها القديم بالألف، والأدهى من ذلك نطق الألف منها تفاصحًا، وكما أدت إليه ألف (مائة) من خطأ نطق صرنا نسمعه في الاسم (عمرو)؛ إذ ينطقه بعض الناس الواو متابعين الرسم دون وعي منهم، والدكتور يدعو إلى التفريق بين (عمرو) و(عمر) بالتزام كتابة الفتحة على عين (عَمر)، وهو اقتراح وجيه، ولكن التزام الناس برسم الحركة أمر لا يركن إليه، فلو أنصف الناس لاستراح القاضي، ولكن هيهات، ونجد دولة عُمان تحرص على إظهار الضمة لتمييزها عن عمّان، ولكن هل التزم الناس بهذا؟ أمر غياب الحركات كما أسلفت ساقنا إلى أخطاء في النطق، ومن أشهر ما نسمعه اليوم نطقهم المضارع من الرباعي (الثلاثي المزيد بحرف)، فهم لا يفرقون بين (يجري) مضارع (جرى) ولا (يجري) مضارع (أجرى)، فأنت تسمعهم ينطقون الفعلين بفتح الياء (يَجري) والصواب: جرى يَجري، وأجرى يُجري. وأما الواو من عمرو واستعمالها للتفريق بين (عَمْرٍ) و(عُمَرَ) فهو من قبيل الصدف لا العمد، ولو كانت الواو وضعت لهذا التفريق وضعًا لالتزمت في التفريق بين مصغر الاسمين (عُمَير) والمنسوب إليهما (عمريّ)، مع أنه لا مسوغ لحذف الواو من عَمرو بدخول (أل) الزائدة لأن عُمر صالح لدخولها، وكذلك لا مسوغ لحذفها لوقوع العلم قافية فعُمر صالح لذلك أيضًا. الأصل في هذه الواو أنها تركة وهبتها استعارة الخط النبطي لكتابة العربية، فالاسم (عمرو) ورد في النقوش النبطية، نقش النمارة(1): وهو تعبير عن حالة الوقف على المرفوع، وهي طريقة عرفتها العربية والنبطية قديمًا، فقد كان يوقف بمد الحركة آخر الاسم، قال كريم حسام الدين «كما رأى المستشرق نولدكه أستاذ لتيمان أن هذه الواو الملحقة بالأسماء والأعلام النبطية هي علامة التنوين التي تدل على الأسماء والأعلام المنصرفة مما بقيت آثارها في الخط العربي مثل عمرو وعمر. يرى أستاذنا د.خليل نامي أن الواو والياء الموجودتين في نهاية الأعلام والأسماء النبطية هي من بقايا إطالة حركات الإعراب، نجد نظيره في بعض لهجات القبائل العربية كما ذكر سيبويه لدى قبيلة الأزد التي تقول هذا زيدو وهذا عمرو ومررت بزيدي وبعمري فأثبتوا الواو والياء كما اثبتوا الألف(2)»(3)؛ ولكن اللغة المشتركة تركت الوقف بالواو والياء لثقلهما واستمرت في الوقف بالألف لخفته. وبقي القول إن الشاهدين المسوقين لحذف واو (عمرو) يردان أيضًا في معظم المصادر العربية بإثبات الواو لا حذفها. ... ... ... (1)إسرائيل ولفنسون، تاريخ اللغات السامية، ص190. (2)سيبويه، الكتاب، 4: 167. (3)كريم زكي حسام الدين، العربية تطور وتاريخ: دراسة تاريخية لنشأة العربية والخط وانتشارهما، ص88.