عاد الحديث وبقوة عن مشروع كان طرحه الرئيس الباجي قائد السبسي على البرلمان ويتعلق بمشروع قانون المصالحة الاقتصادية، حيث اشتعلت نيران الخلاف بين الكتل البرلمانية بمجلس نواب الشعب، فعلى إثر جلسة ساخنة سادها التوتر والانفعال وتعالت خلالها أصوات النواب بين مؤيدين لمشروع القانون الأساسي المتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي وبين رافضين، قررت لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب ظهر الخميس توجيه مراسلة رسمية إلى مكتب المجلس قصد استفساره عن المرتكزات القانونية التي استند إليها عند إحالة هذه المبادرة التشريعية لرئيس الجمهورية على لجنتهم. وجاء هذا القرار بعد التحذير الذي وجهه رئيس كتلة الجبهة الشعبية النائب أحمد الصديق لرئيس مجلس نواب الشعب أثناء إشرافه على انطلاق النقاش العام لمشروع القانون، بأن الإحالة على لجنة التشريع العام مطعون فيها لأن النظام الداخلي لمجلسهم واضح وصريح وينص على أن لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية هي التي تختص بالنظر في مشاريع القوانين المتعلقة بالعدالة الانتقالية وليست لجنة التشريع العام. وتوخى نواب المعارضة طيلة الجلسة أسلوب الهجوم والمناورة، وعملوا على اقتناص كل الثغرات والهنات ومواطن الضعف في هذه المبادرة التي وصفوها بالهزيلة والضعيفة، خاصة بعد أن تبينوا إصرارا كبيرا من بعض نواب نداء تونس ونواب النهضة على التعهد بهذه النسخة وليس بالصيغة المعدلة التي تم التوصل إليها خلال جلسات التوافقات غير الرسمية التي أشرف عليها رئيس المجلس محمد الناصر. وكانت فضاءات الحوار التلفزية والإذاعية خصصت برامجها خلال اليومين الماضيين الى مناقشة مشروع قانون المصالحة في ظل وجود تيار قوي من الأحزاب السياسية التي تعارضه شكلا ومضمونا وتعتبره تجاوزا للعدالة الإنتقالية وتكريسا لنهج الفساد المباح وتعديا على حقوق المظلومين والضحايا وانحيازا لفئة رجال الأعمال الفاسدين. فقد اعتبر حزب التيار الديمقراطي أن مشروع المصالحة محاولة متكرّرة لطمس الحقيقة ولحماية منظومة الفساد، وتشريع لإفلات الفاسدين والمجرمين من المحاسبة والعقاب وفيه تشويه لمسار العدالة الانتقالية.