السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    21.5% زيادة بمؤشر أسعار الجملة خلال 5 سنوات    نائب وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية تركيا ونائبه    ضبط إثيوبيين في عسير لتهريبهما (11) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    برئاسة المملكة؛ انطلاق أعمال الدورة ال44 للجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية في تونس    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان" الإبلاغ عن مروجي الأفكار الهدامه والمخدرات السامه واجبٌ وطني"    إسرائيل تسللت إلى برنامج إيران النووي    الإسعاف الجوي للهلال الأحمر يفعل مسار الإصابات لأول مرة بالمنطقة الشرقية    رئيس الوزراء القطري يعلن موعد تنفيذ «صفقة غزة»    سفاح كولومبي لهجوم الذئاب    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    دوري روشن: الخلود يسقط الاهلي بهدف دون رد    إطلاق "معجم مصطلحات الحاج والمعتمر".    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج بجدة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقصيم    انطلاق فعاليات معرض دن وأكسجين    وزير الاستثمار: يجب تكامل الجهود لاستكشاف المعادن الموجودة في قشرة الأرض وما تحتها    إستراتيجية بيئية وسياحية بمحمية المؤسس    اختيار معلم سعودي ضمن أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم    معلمة ب«تعليم مكة» ضمن أفضل 50 معلماً على مستوى العالم للعام 2025    24 عملية زراعة أعضاء تنهي معاناة 24 مريضاً بالفشل العضوي    إثراء السجل الوطني للتراث العمراني ب 3202 موقع جديد    اختتام ملتقى تعزيز قدرات الخريجين من خلال التعليم والتعلم بجامعة الإمام عبدالرحمن    أنشيلوتي يراوغ ويتجنب الإجابة عن أسئلة بخصوص مواجهة برشلونة    سمو أمير نجران يشهد توقيع 5 مذكرات تفاهم للهلال الأحمر لتطوير الخدمات    أمير القصيم يترأس اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية    تشغيل 4 محطات جديدة لتنقية مياه الشرب في حي الشعلة بالدمام    «مجموعة خدمات الطعام» تُعزز ريادتها في قطاع الإعاشة بمشاركة إستراتيجية في مؤتمر ومعرض الحج الرابع    أمانة الشرقية: تنظم مبادرة لتقديم خدمات الأحوال المدنية لمنسوباتها    برعاية أمير الرياض ..الجمعية السعودية لطب الأسنان بجامعة الملك سعود تنظم المؤتمر الاقليمي للاتحاد العالمي لطب الأسنان    اعتقال رئيس كوريا الجنوبية.. وبدء استجوابه    ارتفاع أسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أمريكية    "الخلاص" و "السكري" يتصدران إنتاج السعودية من التمور بأكثر من مليون طن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    حسابات السومة    حج آمن    "أميركا الجديدة.. وعصر المليارديرات"    فيصل بن بندر يطلع على أعمال أمن المنشآت    أمير القصيم يدشن مشروعات محافظة أبانات    سعود بن بندر يستقبل مدير الالتزام البيئي ورئيس «رياضة الأساتذة»    "سلامة الأغذية" بالرس يحصل على "الأيزو"    المملكة والسَّعي لِرفع العقوبات عن سورية    المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    الاتحاد يتخلى عن صدارته    رونالدو وبنزيما يهددان ميتروفيتش بخطف صدارة هدافي «روشن»    البروتين البديل    سعود بن خالد يشهد اتفاقية «الفاحص الذكي»    مستشفى المذنب يُجري 1539 عملية جراحية    مدير الجوازات: أجهزة ذكية لقياس مدة بقاء الحجاج في «الكاونتر»    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح» مؤتمر ومعرض الحج 2025»    مجلس الوزراء: تشكيل لجنة مركزية دائمة للجهات الأمنية في المنافذ الجمركية    زمن السيارات الصينية    في انطلاق المرحلة 17 من دوري" يلو".. الحزم يواجه الصفا.. والنجمة في اختبار الجندل    بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب وهافانا ترحب    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    ألمانيا.. بين دعم السلام والأسلحة الفتاكة!    أفكار قبل يوم التأسيس!    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام المقاصد
نشر في الجزيرة يوم 10 - 06 - 2016

الشريعة وتطبيقاتها مسألة مرنة، تدور مع مصلحة المسلمين حيث دارت. عمر بن الخطاب - مثلاً - علَّق حدَّ السرقة، نظراً للمجاعة التي حلَّت بدولة الإسلام (عام الرمادة)؛ وهذا يعني أن الإمام يحق له ألاَّ يلتزم بالنصوص، حتى وأن كانت حدًّا من حدود الله، طالما أن الواقع والظروف، والمتغيرات، تتطلب خلاف ذلك، ولم يعترض عليه أحد من الصحابة، وكذلك فعل - رضي الله عنه - فيما يتعلق بسهم المؤلفة قلوبهم في الزكاة، بحجة أن الظروف التي فُرض فيها هذا السهم تغيرت، فتغير بتغيرها الحكمُ نفسه؛ هذا التوجه المصلحي الذي نهجَه عمرُكثيراً في ممارساته السياسية، هو ما اصْطُلِحَ على تسميته فيما بعد (فقه المقاصد) والذي أشار إليه ابن القيم - رحمه الله - بقوله: (أينما كانت المصلحة فثمَّ شرع الله). كما أن القاعدة الفقهية المعتمدة لدى أصوليي فقهاء المذاهب، والتي تقول: (الضرورات تبيح المحضورات) تواكب تغيُّر الأحكام متى ما اقتضت الضرورة وواقع الحال ذلك، إضافة إلى أن الإسلامَ أعطى وليَّ الأمر الأحقية بتعليق المباح إذا رأى أن المصلحة تتطلب تعليق النص.
ما تقدم يجعل القول بأن الشريعة هي ما تمَّ اعتماده في القرون الماضية الأولى من صدر الإسلام، بغض النظر عن مقتضيات الواقع ومتطلبات المصلحة، الذي يقول بها (الثوار المتأسلمون)، وينتقدون انطلاقاً منها أنظمتَهم، ذريعة تفتقر إلى فهم عميق بتاريخ الفقه الإسلامي، وارتباطه الحميم بمقتضيات مصلحة المسلمين، حيث تدور معها الأحكام الشرعية حيث دارت واتجهت.
ولأن أرباب الإسلام السياسي غايتهم الحكم والسلطة، فلا يهمهم إلا اتهام الأنظمة الإسلامية القائمة بأنها لا تطبِّق الشريعة، ولا تكترث بالنصوص، ويتحاشون الركون أو الحديث عن العدل الذي هو المقصد الأساس الذي تهدف إليه الشريعة، لذلك حَكَم عمر، وهو الخليفة الثاني، وفي زمن الصحابة، الذين تشربوا بمطالب الشريعة، والتزموا بها عن وعي، بأحكام تختلف عما حكم بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ما يعني بكل وضوح أن (مقصد العدل) الذي هو غاية الشريعة، هو المعول عليه، وليس النص مجرداً.
وأنا على يقين تام أن المسلمين مستقبلاً سينتهون إلى تفعيل (فقه المقاصد)، وهو التوجه الفقهي الذي اشتهر به المذهب المالكي، فسيكون له - في رأيي - الغلبة والانتشار، لأنه يتواءم مع مقتضيات الظروف المتغيرة والأسباب الزمنية والمكانية وكذلك الثقافية ويأخذها في الاعتبار عند التمييز بين الحلال المقبول والحرام المرفوض دينياً فيما يتعلق بالأمور الدنيوية.
النقطة الثانية والهامة، أن فقه المقاصد، وتقديمه على فقه النصوص، هو الذي سيعطي لكثير من القضايا الشرعية المختلف فيها حلولاً عملية تتناسب مع العصر؛ ففقه النصوص، أيا كان مصدر هذه النصوص، لا يمكن إلا أن يرتبط بزمنه، وفي أحايين كثيرة إذا نزعته من زمنه ومكانه، وطبقته في زمن ومكان آخر، قد لا يؤدي غاية العدالة والإنصاف، وبالتالي يمكن القول: إن استيراد النص من الماضي، وفرضه على الحاضر، دون أخذ اعتبارات الزمان والمكان والمتغيرات في الحسبان، قد يسيء للشريعة، وبالتالي للإسلام؛ وأقرب مثالٍ لما أقول (أحكام الرقّ)، الذي تبيحه الشريعة في الماضي لاعتبارات موضوعية، وعندما اختلفت هذه الاعتبارات، اختلف الحكم من الإباحة إلى المنع.
غاية ما أقوله هنا أن فقه المقاصد سيجعل الشريعة وأحكامها أكثر مرونة، كما سيقف سدًّا منيعاً في وجه الانتهازيين المتأسلمين ممن يُعَبِّؤُونَ الجماهير متخذين من تطبيق نصوص الشريعة ذريعة تحريضية على الأنظمة وهز أمنها واستقرارها.
إلى اللقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.