أعلنت السعودية نيتها تسليط الضوء على الفنون وتنمية صناعة الإعلام في إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادي، في مبادرة تعد خطوة أولى على طريق طويل وشاق للانفتاح على الفنون في المملكة. وتنوي السعودية، حسبما أعلن وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي مساء الثلاثاء، إنشاء مجمع ملكي للفنون ومدينة إعلامية في إطار «برنامج التحول الوطني 2020» الذي أقره مجلس الوزراء الاثنين. والبرنامج جزء من «رؤية السعودية 2030» التي أعلنت في أبريل، وتهدف لتنويع مصادر الدخل، والبرنامج، كما الرؤية، أعدهما مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي ينظر إليه على أنه يقود عملية تحول جذرية في المملكة، وقال وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي أن إنشاء المجمع الملكي للفنون يهدف إلى «تعزيز الثقافة والفن، والاهتمام بمتطلبات الأجيال من المثقفين والفنانين السعوديين وإيجاد مؤسسات قادرة على رعايتهم ويستطيعون من خلالها عرض فنونهم وتوثيقها». وأكد أن المجمع يهدف إلى «المحافظة على الثقافة الوطنية، وتعزيزها وأيضا (أن) يكون مجالا لإعطاء الأجيال الشابة صورة عن المملكة العربية السعودية وتاريخها»، معتبرا أن «بعض الفنانين السعوديين بدأوا يعرضون أعمالهم الفنية في متاحف ومعارض دولية، بينما لا يتوفر لدينا حتى الآن مجمع فني داخل المملكة لعرض هذه الفنون». تصريحات الطريفي جاءت خلال مؤتمر صحافي مع وزراء آخرين في جدة، استكمالا لسلسلة مؤتمرات صحافية بدأت منذ ليل الاثنين، لعرض برنامج التحول الوطني وأبرز المبادرات التي يتضمنها. ومنعت السعودية صالات السينما منذ عام 1979، كما لا توجد فيها عروض مسرحية عامة، ويقام بعضها على نطاق خاص ومحدود، ويرى معنيون بالشأن الثقافي في السعودية، أن المبادرة لإنشاء المركز «إيجابية»، لكنها محطة أولى على درب طويل. ويقول أحمد الملا، وهو شاعر ومدير مهرجان أفلام السعودية الناشئ الذي يقام في الدمام، أن المملكة تنطلق «من النقطة الصفر» فنيا، ويوضح لوكالة فرانس برس أن فناني المملكة يعملون بدوام جزئي، وأن القطاع يحتاج إلى بنية تحتية خصوصا في المؤسسات التعليمية. وأضاف أن الفنانين السعوديين «هم كالعملة النادرة الممنوعة من التداول»، معربا عن «ثقتي بان بلادي كنز غني بالمواهب الفنية»، إلا أنه اقر بالحاجة للعمل على التعافي من أعوام طويلة من التقييد. وعلى رغم أن الطريفي أو بنود برنامج التحول لم يذكروا صالات السينما بشكل مباشر، يعرب الملا عن اعتقاده أن عودتها مسألة وقت. ويقبل المجتمع السعودي، وأكثر من نصف أفراده هم ما دون 25 من العمر، بكثافة على متابعة الأشرطة المصورة عبر الانترنت، خصوصا من خلال «يوتيوب»، كما يستخدمون بكثرة مواقع التواصل للتعبير عن آرائهم. وتضمن برنامج التحول إنشاء مدينة إعلامية، بحسب الطريفي الذي أوضح أن هذا المشروع سيساهم في تطوير مهارات الإنتاج للشباب السعودي وخلق محتوى محلي ما زال «محدودا جدا»، ويتطلع البرنامج إلى خلق 16100 فرصة عمل في مجال الإعلام والمجالات ذات الصلة بحلول 2020، مقارنة مع عشرة آلاف حاليا. ويرجح أن تكون المدينة مشابهة لتلك المقامة منذ 15 عاما في دبي، وهي منطقة حرة (معفاة من الضرائب) اتخذت فيها أكثر من ألفي وسيلة وشركة إعلامية إقليمية ودولية مكاتب لها، بينها قناة العربية السعودية. وأكد الطريفي أن هدف هذه المشاريع «تحسين صورة المملكة في الداخل والخارج»، وأن ذلك بات من «الأولويات الوطنية الكبرى، عطفا على التهم والصور السلبية التي تروج ضد المملكة خاصة في العقدين الماضيين». واعتبر أن هذه الصورة سببها «عدم فهم الآخر لثقافتنا وصورتنا الحقيقية، لذا كان من الأهمية بمكان جعل تحسين الصورة وهوية المملكة وثقافتها العنصر الأساسي والاستراتيجي في برنامج التحول الوطني». وردا على سؤال عما إذا كان مستوى حرية التعبير في المملكة يسمح بازدهار مجالي الفنون والإعلام، قال الطريفي إن الصحف السعودية تنتقد البرامج الحكومية «يوميا»، وأن ردود الفعل مهمة لإنجاح برنامج التحول.