قد تعاني الزوجة من عصبية زوجها وسرعة غضبه -رغم طيبته - ولكنها تحتار كيف تتصرف أو تتعامل معه ولا تعلم أنها قد تكون سببا لهذه الحالة. وأرجع المعالج النفسي والباحث في الشؤون النفسية والاجتماعية الدكتور أحمد الحريري أن مشكلة عصبية الزوج وسرعة غضبه في بعض الحالات تكون بسبب الزوجة. يقول الدكتور الحريري: «تشتكي كثير من الزوجات من أزواجهن فالزوجة قد تصف زوجها بأنه سريع الغضب ولكنه يبقى في داخله إنسان طيب وهذا الوصف يجعلنا نخضعه لكثير من التحليل النفسي والتدقيق والتمحيص. فعلى المستوى الأول: إذا كانت الزوجة لديها حساسية مفرطة وتعتبر أن أي أسلوب جاد من زوجها شكل من أشكال العصبية فهنا نقول لها أن المشكلة ليست لدى الزوج وإنما المشكلة في الحساسية المفرطة التي لدى الزوجة». حساسية مفرطة ويضيف الدكتور الحريري: «لا ننكر أن الكثير من النساء لديهن فعلاً حساسية مفرطة ويتألمن من أقل شيء وقد يفسرن أي ردة فعل تجاههن على أنها شكل من أشكال الغضب والعصبية ، وهذا منسجم تماماً مع طبيعة الأنثى وما لديها من رهافة حس وتكمن الحلول في هذا المستوى في تقليل الحساسية التدريجي لدى الزوجة الحساسة. أما على المستوى الثاني: فهو ما يحدث من بعض الأزواج من غضب عارم وصوت عال قد يصل إلى السب والشتم ، وقد تحدث لدى الزوج انفجارات غضب رهيبة وقد يتصاحب معها تكسير الأشياء أو رمي بعض الأدوات ، وتتجه ردة الفعل العنيفة هذه نحو الزوج». ويشير الدكتور الحريري إلى أنه في المقابل قد يكون هذا الزوج لين الجانب سرعان ما يشعر بخطئه ويبادر بالاعتذار وتكرار الأسف عدة مرات ويشعر بالندم على ردة فعله العنيفة التي لا تستحقها الزوجة، ولكن سرعان ما يتكرر الغضب والموقف العنيف من جديد ، ويتكرر معه الأسف والاعتذار مرة أخرى. مضيفا: «تبقى الزوجة في صراع داخلي في اتخاذ حكم قطعي على أن هذا الزوج قابل لاستمرار الحياة معه أو الانفصال عنه والارتياح من غضبه وردات فعله العنيفة ، وتصل بعض الزوجات إلى نتيجة ملخصها (زوجي عصبي ولكنه طيب من الداخل)». اعتبارات أساسية ويبيّن الدكتور الحريري أن هناك عدة نقاط يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند الحكم على نوع الحياة هذه منها: 1 - أن الأشخاص سريعي الغضب والذين تحدث لديهم انفجارات غضب شديدة ومتكررة ليسوا طبيعيين من الناحية النفسية. 2 - أن الأشخاص الذين يبادرون بالاعتذار بعد كل نوبة غضب تحدث لهم هم يؤكدون لنا عدم سوائهم النفسي. 3 - أن بعض الاضطرابات الشخصية المرضية مثل الشخصية غير المتزنة أو الانفعالية أو الشخصية الحدية من أعراضها الأساسية نوبات الغضب غير المبررة. 4 - الحالة التي تتراوح مابين (الحادة ، والمزمنة ، والبسيطة) تعني أننا نحن نتحدث عن حالة مرضية. 5 - يجب على الزوجة لو لاحظت أن زوجها من هذا النوع أن تحرص تماماً على محاولة إقناعه بالخضوع للاستشارات النفسية وتقييم حالته ، وأيضاً تقييم حالتها من حيث مستوى الحساسية. 6 - فيما لو ثبت للمعالج النفسي أن الزوج أو الزوجة مضطرب من الناحية النفسية فلابد من خضوع كليهما للجلسات النفسية لمعالجة المضطرب ومساعدة الآخر. 7 - إن عدم خضوع مضطربي الشخصية للعلاج النفسي يجعل الحياة معهم صعبة ومؤلمة وغير واعدة بالراحة ولا الانسجام. 8 - لابد من أن نتفق جميعاً أن الاضطرابات النفسية خاصة الاضطرابات الشخصية قد تنتقل للأبناء من خلال التقليد والمحاكاة ويتكون لدينا نماذج وأجيال جديدة مضطربة. 9 - لابد أن نتساءل عن شخصية الزوج المضطرب أو الزوجة المضطربة ،إن كانت تتشابه مع أحد من أقاربه أو أقاربها ، وقد نكتشف أن الزوج ما هو إلا نسخة من أبيه الذي طلق والدته عدة مرات - مثلا- أو تزوج عليها عدة مرات، أو أنه رأى وشاهد قصص من المعاناة التي تحملتها والدته من والده - ذي الطباع العصبية-. أو نكتشف أن هذه الزوجة ما هي إلا نسخة من والدتها التي عانى منها والدها بسبب حساسيتها أو غيرتها غير السوية أو غيرها من الصفات المُستفزة. 10 - لنتفق جميعاً أن الأمراض و الاضطرابات النفسية ما هي إلا نتاج حالة وراثية أو خبرات مكتسبة. ضرورة مراجعة الطبيب ويؤكد الدكتور الحريري على ضرورة خضوع الجميع للاستشارات النفسية ومراجعة المعالج النفسي للفحص والتقصي عن الحالة النفسية، ويقول: «أن الاستعانة بالاستشارات النفسية ومراجعة المعالج النفسي ما هو إلا دليل على وعي وانفتاح فكري وتحضر ذاتي ، ولنعلم جميعا أن الصحة النفسية هي الشعور بالانسجام والسعادة وليس مجرد الخلو من الأمراض وهذا يعني بكل بساطة أننا نحتاج إلى الاستشارات النفسية حتى لو لم نشتك من أي سوء». يذكر أن إحدى الدراسات الأمريكية أثبتت أن أكثر من 90 % من الرجال يعترفون بأن المرأة الطيبة وضعيفة الشخصية هي التي تعطي بلا مقابل عند أول كلمة حب، بينما المرأة العصبية على خلاف ذلك، والكثير من الرجال يفضلون العمل معها ولكن يرفضون الارتباط بها واتخاذها كشريكة حياة خاصة إذا كانت ذات مركز مرموق في عملها. وقد أشارت الدراسة إلى أن الرجال ينفرون من المرأة ذات الشخصية المستفزة التي تكسب العداء منذ لقائها الأول, ويفضلون المرأة القوية الحازمة وغير الساذجة في الوقت نفسه التي لا تسمح لأحد أن يلعب بمشاعرها أو يستغلها لأنها تعرف ماذا تريد. وأشارت الدراسة إلى أنه يجب أن تعلم المرأة العصبية أن عواطفها ومشاعرها تسبق عقلها وتفكيرها فهي لا تفكر قبل الإقدام على أمر يشوبه العصبية، لذلك فيجب عليها أن تفكر قليلاً قبل الدخول في موجة من العصبية والتفكير في الأمر الذي استفزها إلى هذا الحد ومعرفة إذا كان يستحق عصبيتها أم لا، ويجب أن تدرك كل امرأة أن العصبية تؤدي إلى الكثير من الأمراض الجسمانية، وتتساءل دائماً: «ما هو الأمر الذي يستحق أن تخسر المرأة صحتها من أجله؟»