الرؤية السعودية 2030 تتطلب تنفيذيين مبدعين وطنيين (ليس مواطنين فقط) على أهميتها، بل يضاف إليها سمة (وطنيون نجوا من التعلق بالكراسي والدينار). العمل التنفيذي المهم البيداغوجي في الأجهزة الحكومية يقوم به تقليديون غير مجددين، وصل كثير منهم لمناصبهم بلا معايير أو مفاضلة؛ لذا هم يتسببون في عجز مالي وإنتاجي، لا يعود على التنمية والمواطن بما هو متوقع. وغالبًا مهما تغيَّر الوزير فإن اللاعبين في الورق المؤثر في العمل الحقيقي هم البيداغوجيون، أي التنفيذيين! بينما لدينا قوافل من المبتعثين، درسوا وامتلكوا خبرات، ورأوا وشاهدوا، طاقات شابة يافعة، تجدهم يجلسون على مقاعد الاحتياط، يتسرب إليهم الإحباط. أصوات وطنية مخلصة تنادي: أفسحوا لهم المكان؛ ليعملوا بعيدًا عن الثقافة المعقدة السائدة في الوزارات والهيئات. اجعلوهم يبنون بيئات عمل جديدة، ولا ينخرطون في القديم، أعطوهم فرصة وتأملوا. البناء الجديد أسهل من الترميم، وأضمن نتيجة (هذا من كثرة تأثير الإسكان)!! حتى وإذا دُونت الرؤية تدوينًا جيدًا، ووُضع لها انجرافيك بديع، وقُدمت عبر حملة إعلامية، فإن هذا كله يخبو وينتهي، وذاكرة الجمهور رملية؛ هي دائمًا عطشى للمزيد. الفلاشات مهما علا بريقها هي في النهاية تنتهي وتنطفئ. الأعمال المجسدة حقيقة هي التي تبقى، هي التي تذكر، هي التي يسجلها التاريخ؛ لذا نحن بانتظار طبول العمل، وهطول مطر البرامج، وانطلاق جحافل الطاقات الشابة؛ لتعمل في بلادها وتطوِّر، وترسم مستقبلاً رشيدًا، عماده الحوكمة بمبادئها الرشيدة وعدالتها وتكافؤ الفرص ومحاسبيتها. سماتها البساطة وقلة البهرجة وغياب الأنا، والوهم، والتفذلك، والبروبجندا والفقاعات. نريد أعرافًا وقيمًا للعمل جديدة، تسود منظماتنا، أهمها أن العبرة بتحقيق الأهداف والمنجز، وأن أماكن العمل ليست سجونًا بأسوار عالية، يرتدي فيها الموظف (الكلبشات) الثامنة صباحًا، ولا تفك عن يديه سوى الثانية ظهرًا. علينا أن نجعل إنتاج الموظف معيار ترقيته، ومعيار تكريمه، ومعيار تميزه.. الإنتاج الحقيقي الذي يستحق أن يسمى (نافعًا ماكثًا في الأرض)، ونترك الزبد والكلام وترديده. آن لنا أن نمكِّن الشباب ممن يبحثون عن أقرب الطرق لتحقيق أهداف المؤسسات وطموحات القيادة. التنفيذيون السعوديين التقليديون الذين يملكون ملكة إطالة وتكبير الملفات سيفسدون رؤية 2030؛ فلنبعدهم عنها غير مأسوف عليهم!