من ضمن القصص الصحفية الرائجة في أوروبا حاليًا هو تلك المتعلقة بصعود التطرف المعادي للإسلام الذي انعكس في صورة المكاسب الانتخابية للأحزاب القومية التي تصور المسلمين على أنهم «الآخر». وهذا النمط الصحفي بشأن اللامساواة الدينية لا يمكن استمراره في ظل وجود بعض الحقائق الواضحة على الأرض، ناهيك عن القيم التاريخية للقارة الأوروبية المتجذرة في الاحترام المتبادل مع الأقليات الطائفية. من بين إحدى الحقائق التي يجب أن تقلب الطاولة على تلك الأدبيات العنصرية هو ما حدث في 6 مايو من انتخاب مسلم عمدة للندن والتي تعد واحدة من أكثر مدن العالم نفوذًا. فابن المهاجر الذي أتى من باكستان صادق خان، فاز بهامش أصوات كبير مقارنة بالمحافظين الاثنين اللذين سبقاه. وهو يعد الآن واحدًا من أبرز السياسيين المسلمين في الغرب، بالرغم من أنه وعد بأنه «سيكون محافظًا لكل اللندنيين». (في إحصاء أجري عام 2011 تبين أن 12.4% فقط من سكان المدينة البالغ عددهم 8.6 مليون نسمة من المسلمين). ولكي يؤكد على وجهة نظره تسلم خان مهام منصبه في احتفالية أقيمت في كاتدرائية ساوث وارك. خان محام متخصص في حقوق الإنسان واستطاع أن يصعد بحياته من تحت عتبة الفقر، كما أنه استطاع أيضًا أن يحافظ على روح دافئة لاستيعاب الآخرين أثناء حملاته الانتخابية عندما حاول خصومه أن يوسموه بأنه صديقا للإرهابيين. وقد صرح قائلاً أثناء تسلمه المنصب: «الخوف لا يجعلنا أكثر أمنًا، فقط يجعلنا أكثر ضعفًا، كما أن سياسات التخويف ببساطة ليس مرحبًا بها في مدينتنا». ذلك النوع من الرسائل، ممزوجًا بحقيقة وجود فرص في أوروبا للأقليات مثله أن يُنتخبوا لأعلى المناصب، يساعد في تقليل أثر رسائل التجنيد القوية لتنظيم داعش والجماعات المتطرفة العنيفة الأخرى. (في البرلمان البريطاني الآن 13 عضوا مسلما، ارتفاعا من 8 فقط، بينما لدى مدينة روتردام الساحلية الهولندية عمدة مسلم منذ 2009). كما يشير انتخاب خان إلى سخافة تنميط جميع المسلمين على أنهم مصدر تهديد، وهو بالمناسبة عنوان الحملة الرئاسية لدونالد ترامب في الولاياتالمتحدة. هناك حقيقة أخرى تتجسد على الأرض في أوروبا، وهو ذلك العمل المتواصل منذ 2015 لإعادة تسكين طالبي اللجوء السوريين، سواء من هؤلاء الكثيرين الذين هربوا بالقوارب إلى اليونان، أو من أولئك الذين قدّموا على اللجوء بصورة قانونية من الشرق الأوسط. وبالرغم من المخاوف التي يثيرها بعض السياسيين، فإن الاتحاد الأوروبي استقبل المعارضين لكل من تنظيم داعش والديكتاتورية في سوريا، وكذلك الذين يهربون إلى أوروبا. كما يمكن للأوروبيين أن يلاحظوا حقيقة مضادة أخرى بشأن التعامل مع المسلمين، وهي إعادة افتتاح المسجد التاريخي في بانيا لوكا في المنطقة الصربية في البوسنة في السابع من مايو الماضي. هذا المسجد الذي يعود إلى القرن السادس عشر والمسمى فرهاد باشا، دمره المسيحيون الصرب أثناء الحرب على البوسنة في التسعينيات واستبدلوه بساحة انتظار للسيارات. إعادة بناء هذا المسجد، بعد 23 عامًا من هدمه، كما صرح رئيس صرب البوسنة ميلوراد دوكيتش في مناسبة دعا إليها مسلمين ويهودا ومسيحيين، يرسل رسائل سلام إلى العالم، كما صرح رئيس تجمع مسلمي البوسنة أفندي حسين كافازوفيتش، قائلا أن استعادة المسجد هو «انتصار للنور على الظلام». في تقرير لشهر أبريل عن الإسلاموفوبيا، قدم معهد «سيتا» التركي للدراسات توصيات للمعاهد التعليمية والجهات الأخرى المهتمة بالعمل المشترك لتقديم «أدبيات بديلة» بشأن المسلمين وتبديد الصورة السلبية عن الإسلام، وهذا هو العمل الذي يتم التجهيز له الآن، وكل ما يحتاجه منا هو التطبيق. - افتتاحية الصحيفة