تُجسّد الرسوم والنقوش الصخرية أهمية كبيرة من حياة الإنسان ونشاطه وتكيفه مع البيئة ومستواه الثقافي في العصور القديمة، وقد خلفت هذه الرسوم والنقوش شواهد عديدة أوضحت الكثير من الموضوعات. من المنظور الفني نستطيع القول إن ثقافة النحت والحفر في الوقت الحاضر ما هي إلا تطور لثقافة إنسان ذلك الوقت لأن الكثير من الرسومات الصخرية كان فيها تعبير وفنون رسمت قبل 10 آلاف سنة وتشبه إلى حد كبير المدارس التجريدية التي ظهرت في القرن التاسع عشر. مما يقودنا إلى أن دراسة الرسوم الصخرية يمكن أن تؤدي إلى الربط بين سلسلة التتابع التاريخي للحضارات. بفضل الله ثم فضل الجمعية السعودية للمحافظة على التراث ممثلة في صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز حظيت بزيارة أهم وأشهر موقع رسوم ونقوش صخرية بالمملكة العربية السعودية طالما تمنيت زيارته لم أكن أحظى بزيارته بصورة فردية. كانت الزيارة بمعية متخصصين ومهتمين في الآثار والتاريخ والتراث كل منهم أدلى بمعلومات علمية قيمة خلال الزيارة. تفرد موقع جبة بمنطقة حائل بالمملكة العربية السعودية عن غيره من المواقع بكثافة الرسوم والنقوش الصخرية. حيث برز فيه العديد من فنون الرسم والنقش لفترة ما قبل التاريخ، وتميز بدرجة عالية من الأصالة. وهذا بالطبع ما جعله يدخل ضمن أهم مواقع التراث العالمي حين أكدت لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو ضم هذا الموقع الهام لقائمة التراث العالمي بتاريخ 16 رمضان 1436ه الموافق 3 يونيو 2015م في اجتماعها ال39 في مدينة بون بألمانيا. مما جعلها أحد أهم مصادر دراسة تاريخ وحضارة عصور ما قبل التاريخ وموضوعاً خصباً لدراسة فن الرسوم والنقوش الصخرية في المملكة العربية السعودية. تميزت نقوش جبة بعدة أساليب وخصائص فنية عكست صورة واضحة عن أساليب الحياة المختلفة، والعادات والتقاليد والأعراف والكثير عن الأحوال السياسية وأساليب الحياة المعيشية والاقتصادية المختلفة، بل وتطرقت للنواحي العقائدية والفكرية والتي تُعد ثروة هائلة من المعلومات تقود إلى معرفة التسلسل التاريخي للموقع. ومن أبرز أنواع الرسوم والنقوش الصخرية في موقع جبة رسومات لأشكال آدمية وحيوانية متنوعة تعود لحقب تاريخية مختلفة نفذت بأشكال وأساليب فنية مختلفة عكست إبداع الفنان ومهارته التصويرية في الأشكال والأحجام. ومن الملاحظ في هذه الرسوم والنقوش طبقة العتق والتقادم والتي تبين من خلالها تفاوت فتراتها حيث لم تنفذ في وقت واحد، بل تم تنفيذها في أوقات متفاوتة ومتباعدة. ولم تكن الرسوم الحيوانية في كثير من الحالات مقرونة بالأشكال الآدمية بل وجدت منفردة أحياناً. وتمثل أشكال الحيوانات الغالبية العظمى من الرسوم الصخرية الرمزية في موقع جبة. ويتضح من الرسوم أن الحيوان كان يُشكّل اهتماماً خاصاً لديهم في تلك العصور، ومن تلك الحيوانات الجمال والخيول والأسود والكلاب مرفوعة الذيل. بالإضافة لنقوش ورسوم تمثّل الصيد والكتابات الثمودية من القرن السابع الميلادي. من خلال هذه الزيارة لموقع جبة نتقدم بالشكر الجزيل للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على جهودها الملموسة في الاهتمام بالآثار والتراث ونأمل باتخاذ إجراءات احترازية لتكثيف الجهود للمحافظة عليها خصوصاً وأن يد الإنسان وللأسف لوحظ عبثها في الموقع. والشكر أيضاً للجمعية السعودية للمحافظة على التراث. وندعو الباحثين والدارسين إلى تناول هذه المواقع الأثرية بالدراسة والبحث ودراسة الرسوم والنقوش بشكل خاص.