يندهش الزائر إلى منطقة حائل (شمال السعودية) من المعالم الأثرية، التي لم يخطر يوماً أن يراها، لكن البلدتين «الشويمس» و«جبة» التابعتين لحائل يضمان مواقع عانت كثيراً من الإهمال، قبل أن تنصفها منظمة التراث العالمي (يونيسكو)، وتضعها على لائحة التراث العالمي كرابع موقع أثري سعودي على اللائحة الدولية بعد مدائن صالح والدرعية وجدة التاريخية. ويؤكد أمير منطقة حائل سعود بن عبدالمحسن أن تسجيل الرسوم الصخرية في موقعي «جبة» و«الشويمس» في المنطقة، ضمن قائمة التراث العالمي إنجاز مهم يعكس العمق الحضاري للمملكة. ويضيف: «بلادنا تزخر بكنوز هائلة وغير محدودة من التراث الوطني، الذي يعد شاهداً على تنوع وتعاقب الحضارات على الجزيرة العربية»، مشيداً بالجهود «الجبارة» التي بذلها الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان حتى تحقق هذا الإنجاز الوطني. يذكر أنه سيتم العمل على إيجاد خطط تطويرية شاملة للموقعين تنفذ خلال الأعوام المقبلة، خصوصاً في مجال الطرق لأحدهما، وللآخر إيجاد استراتيجية تطويرية متكاملة للسياحة والخدمات. ويوضح المندوب الدائم للسعودية في «يونيسكو» الدكتور زياد الدريس ل«الحياة»، أن تسجيل الرسوم الصخرية في موقعي «جبة» و«الشويمس» في منطقة حائل في لائحة التراث العالمي يعد إنجازاً عالمياً، لافتاً إلى أن هذه النقوش الصخرية التي تم تسجيلها عمرها قرابة 10 آلاف سنة، وهو ما يبرهن على المخزون التراثي والتاريخي العريق الذي تحظى به السعودية. ويكشف المندوب الدائم للملكة لدى «يونيسكو» حجم التقدير العالمي للآثار الموجودة بالسعودية، بقوله: «وقفت على ذلك بنفسي في قاعة التصويت في مدينة بون الألمانية كيف قدم أعضاء لجنة التراث العالمي بالغ شكرهم للسعودية على تقديمها هذا الموقع الفريد للتسجيل على اللائحة، معتبرين أن ذلك سيكون إثراءً لخريطة التراث العالمي بهذه الرسومات، التي تبدو كأنها متحف صخري في الصحراء». وتاريخ تلك الرسوم الصخرية يعود إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وهي من الحقبة الثمودية، وتضم نقوشاً وكتابات أثرية منحوتة على الصخور الصلبة، وتشمل هذه النقوش رسوماً لأشكال آدمية وحيوانية. ويطلق على هذه المنطقة اسم جبة (100 كيلو شمال مدينة حائل)، وهي من أهم المواقع الأثرية في السعودية، إذ تضم نقوشاً ورسومات منتشرة في جبل أم سنمان، وفي الجبال القريبة منه، وتعود النقوش لثلاث فترات زمنية مختلفة، وهذه المنطقة هي أرض بحيرة قديمة تحيط بها كثبان النفود الكبير. فيما تعتبر منطقة الشويمس (290 كيلو جنوب غربي مدينة حائل) أكبر متاحف التاريخ الطبيعي المفتوحة في العالم، وتتجاوز مساحتها 50 كيلو متراً مربعاً، وتكثر فيها الكهوف وآثار البراكين ويتجاوز طولها 2 كيلو متر، ويرتفع حتى يصل إلى ثمانية أمتار، وينخفض حتى يصل 800 متر تحت الأرض، ولعل أبرز تلك الكهوف، كهف شعفان الذي يقدر حجمه ب22 ألف متر مكعب، ويبلغ طوله نحو 150 متراً، وعرضه 15 متراً، وارتفاعه 10 أمتار، وتنتشر بالقرب من كهف شعفان، كهوف أخرى يبلغ عدد المكتشف منها حتى الآن أكثر من تسعة كهوف، إضافة إلى احتواء المنطقة على فوهات بركانية، يزيد عددها على 12 فوهة. وأطلق عدد من المغردين السعوديين وسماً عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» احتفالاً بالإنجاز الذي وصفوه ب«التاريخي» لحائل، وهو الإنجاز الذي يسجل باسم السعودية، مطالبين في الوقت ذاته بالاهتمام بالمواقع الأثرية في منطقة حائل والمدن السعودية الأخرى، لتكون عنصر جذب سياحي، ورافداً اقتصادياً مهماً للبلاد.