فاصلة: إن السخرية العظيمة ليست أخلاقية الطابع أبداً. إنها قد تدمر الأخلاق من أجل أن تصل إلى متعة متفكِّهة حرة باعثة على السرور. - ويندهام لويس- بالرغم من النهي في ديننا عن السخرية والاستهزاء إلا أنها أصبحت حاضرة وبقوة في مواقع التواصل الاجتماعي. إذا شئنا الحديث عن السخرية كفن فهي جزء من الفكاهة التي لا تخلو منها أي من المجتمعات الإنسانية وهي موجودة منذ القدم في قصائد الهجاء وفي تراث العرب ونحن في عصر السخرية، بكل ما تشتمل عليه من مفارقات على المستوى السياسي والاجتماعي. السخرية يمكن أن تحدث فعلا إيجابيا حين تنتقد البعد عن القيم التقليدية الثابتة فهي تستند على مكون أخلاقي وهو الذي يحدد هدفها إن كان سلبيا كما يقول الناقد الكندي «نورثروب فراي» يؤذي ويدمِّر، أو إيجابيا لكن بالسؤال عن هدف الساخر ودوافعه ربما نستطيع التحقق من قيمة جدوى هذه السخرية. تشير نظريات «أفلاطون» و»أرسطو» إلى ارتباط بين الفكاهة والعدوان، لذلك فالذي يسخر عادة يشعر بالنقص من الآخر فيحاول أن يشوهه هذا على المستوى الفردي أما حين يسخر الأفراد من أوضاع مجتمعية فهم ينفسون عن إحباطاتهم. كمثال بسيط السخرية التي طالت هيئة الترفيه ما هي دوافع الذين يسخرون، ما هدفهم ؟ ألسنا نحتاج إلى الترفيه أليس هو مطلبنا ؟! إن نشر عبارات السخرية من هيئة الترفيه لم تكن إلا إفراز نفسي بعيدا عن أي عملية إبداعية ينتهجها فن السخرية أو التهكم الذي يستهدف التغيير. وخطورة ذلك تأتي من أن تكرار السخرية من القرارات الجديدة في المجتمع مثلا تخلق «Negative Stereotype» أي أن سخريتنا من المجتمع تكون عنه صورة نمطية تقليدية ليس بحاجة إليها إذ يكفي صورته النمطية في الإعلام الخارجي. تماما مثلما يحدث لو أن الفرد سخر منه الآخرون، مع الوقت سيصبح لديه فكرة سيئة عن نفسه وسيسلك اتجاها سلبيا موافقا لذات الفكرة. لسنا ضد السخرية إذا التزمت بمكون أخلاقي وكان هدفها التصحيح والنقد البنّاء فهي وسيلة مؤثرة في عصرنا الحاضر في ظل وجود التكنولوجيا، لكننا بالتأكيد ضد الاستهزاء والتحقير من شأن الآخرين سواء كانوا أفرادا أو جهات رسمية أو غير رسمية لأننا بحاجة إلى تكوين خطاب واعي لحاضرنا نبني عليه رؤى مستقبلنا.