أدخل انتخاب لندن صادق خان أول عمدة مسلم لها، الفرحة في قلوب كثيرين في أوروبا وأميركا والشرق الأوسط، لا لأن الإنكليز صوتوا لمسلم في زمن الإرهاب والإسلاموفوبيا، بل لأن ابن سائق حافلة وعاملة في صناعة الملابس، أصبح عمدة واحدة من أكبر العواصم الأوروبية. ولد صادق خان في تشرين الأول/أكتوبر 1970 من عائلة باكستانية، هاجرت حديثا إلى بريطانيا، نشأ مع أشقائه وشقيقاته الستة في توتينغ. متزوج وله ابنتان. كان والده يعمل سائق حافلة. وعمل في البداية محام لحقوق الإنسان قبل أن يعين وزيرا. وكان خان انتقد الحملة الشرسة الموجهة ضده، واضطر مرارا للدفاع عن نفسه أمام الاتهامات بامتناعه عن إدانة «المتشددين الإسلاميين». وأكد قبل الإعلان عن انتخابه أنه يريد «أن يكون رئيس البلدية الذي يوحد المدينة مجددا، ويوحد المجموعات المختلفة». وردا على سؤال حول كونه المسلم الأول الذي سيرأس بلدية لندن وعاصمة غربية، قال خان: «أنا لندني، أنا بريطاني، أنا مسلم الديانة، وبالطبع أنا فخور بإسلامي». وتابع قائلا: «لدي أصول (...) باكستانية. أنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا»، مضيفا «لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنيا من أي معتقد أو بلا أي معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا فقط، بل نحترم بعضنا ونحتضن بعضنا ونحتفي ببعضنا. هذه إحدى المزايا العظيمة للندن». ويعتبر خان بشكل عام تقدميا، وصوت في السابق لصالح الزواج المثلي ما جعله يتلقى تهديدات بالقتل، كما نأى بنفسه عن فضيحة تتعلق بمعاداة السامية لحقت ب«حزب العمال». وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، المنشغلة بحملتها الانتخابية توقفت عند قصة خان: «ابن سائق حافلة باكستاني، وبطل حقوق العمال وحقول الإنسان، الآن عمدة لندن، مبروك». اما حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا فقد ربط خان بالتطرف الإسلامي، ورغم أن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون رفض الاعتذار، قال في رد على سؤال عما إذا كان نادما على وصف خان بأنه «خادم» يتحدث إلى جانب المتطرفين: «في سجالات الانتخابات تقول أمورا وتتساءل... أعتقد أن من الصواب أن يتعرض المرشحون لأحد أهم المناصب في بريطانيا للتمحيص بشأن ارتباطاتهم الماضية». وتغلب خان ابن سائق الحافلة على مرشح حزب المحافظين زاك جولدسميث وهو ابن ملياردير يعمل في مجال التمويل، بفارق أصوات قياسي ضمن له أكبر تفويض فردي في تاريخ السياسة البريطانية. وفي تغريدة هنأ زاك منافسه الفائز: «مبروك صادق خان، أتمنى له البناء على النجاحات التي حققها بوريس جونسون (العمدة السابق)». وقال خان في خطاب قصير: «هذه الانتخابات لم تخل من الجدل وأنا فخور جدا أن لندن اليوم اختارت الأمل دون الخوف والتوحد دون الانقسام... آمل ألا نتعرض مجددا لمثل هذا الخيار الصعب». وهنأ رئيسا بلدية نيويورك وباريس المنتميان لليسار خان بالفوز، ووصفت صحيفة الفاينانشيال تايمز فوزه بأنه «انتصار مرموق على التوترات العرقية والدينية التي عرقلت عواصم أوروبية أخرى وأضافت أن الفوز «أبرز حجم التسامح في لندن». وكانت الصحفية الناشطة جيميما شقيقة زاك جولدسميث من أوائل من تقدموا بالتهنئة لصادق خان، واصفة لندن بمدينة «كل الثقافات والأعراق والأديان». وقالت إن النصر نموذج عظيم لشباب المسلمين.