المتابع لأغلب الأندية الأدبية لا بد أنه لاحظ أن المواهب الشابة تكاد تكون معدومة «كتواجد»، وإن وجدت فدورها غير مُفعّل بالشكل الذي يؤهلها ويؤهلهم للقيام بحراك أدبيٍ وصنع مستقبل ثقافي له بصمات واضحة في مسيرة الثقافة والأندية. إهمال المواهب الشابة خيانة يُقدم عليها المثقف لأنه يتسبب في عرقلة التنمية الثقافية، ويزج بالموهبة الشابة إلى الموت البطيء تحت ظروف برودة التهميش القاهرة. من حق الأندية الأدبية طلب الدعم المادي، ورفع قيمة المخصصات، ولكن ينبغي أن لا يهدر المال في صرف المكافآت على مجلس الإدارة ورؤساء اللجان، وطباعة الكتب للدكتور فلان صاحب الدخل الجيد جدًا إن لم يكن الممتاز، للأسف غالبية الأندية تكرر نفسها على مدار العام وتدور حول نفس الشخوص، غير مستغلّة للدعم المالي - المقبول المقدم من الدولة-، والكوادر الشابة المهتمة بالأدب التي يزخر بها الوطن، فغالبية الكتب المطبوعة لا تحمل أسماءً جديدة، إنما هي لأسماء قادرة على تحمّل تكاليف طباعة كتاب ولها أكثر من إنتاج تكفل به النادي، بعكس الأسماء الشابة التي لا تملك المال لتحمل عبء طباعة كتاب فكل مدخراتها التي تملكها مواهبها والرغبة في عمل الحراك الثقافي والمشاركة فيه، حتى الأمسيات غالباً لها نفس المشكلة.. الشخصيات المعروفة أدبيًا هي المسيطرة الممسكة بتلابيبها، والمساهمة فيها، حتى مديري الأمسيات قلما نرى دور الشباب المستجد فيها، وكأن الأندية فتحت من أجل جيل سابق على الجيل اللاحق أن يأخذ منهم الدروس النظرية دون المساهمة معهم في صنع معالم للحراك الثقافي يتم من خلاله تبادل الخبرات وتوسيع نطاق الثقافة لتحفيز شباب الوطن للنهوض مع الحراك الثقافي وبه. مسؤولية أساتذتنا الفضلاء -الجيل الثقافي السابق- مد يد العون للشباب من خلال التبنّي الكلي للموهبة -وهذا التبنّي يكاد يكون معدوماً في بلادنا- من أول طريقها حتى قيامها بمفردها بواجبها الثقافي والحضاري، أو التبنّي الجزئي من خلال الملاحظات المفيدة التي تمكّن الشاب من شق طريقه بنجاح، أيضاً من خلال خلق فرصة للمنافسة بينهم وبين الشباب، وبين المواهب مع بعضهم البعض في ورش عمل يشرف عليها النادي يتم العمل فيها خلال العام، ومن ثم يتوّج المثقف الأكثر تفاعلاً وتفعيل للحراك في مدينته على جائزة مالية ولقب يمكنه من منافسة موهبة شابة في منطقة أخرى فيستفيد الجميع وتكون فرصة ليتعرّف الجيل الجديد من المثقفين على بعضهم البعض وهذا أفضل من أن يعيش ويموت المثقف الشاب ولم يتعرّف عليه لا وطنه ولا أقرانه في المجال الثقافي. - نادية السالمي