خسر الهلال نقطتين مجددًا في دوري جميل؛ ليصبح عدد النقاط التي حققها في الدور الثاني خمس عشرة نقطة فقط من أصل سبع وعشرين في تسعة لقاءات. تلك النقاط التي أهدرها كانت بخسارتين من الثالث والرابع، وتعادلين مع الخامس والسادس، ثم تغلب على من يقبعون فيما دون تلك المراتب في سلم الدوري. مسيرة ضعيفة جدًّا لفريق يزعم أنه يبحث عن لقب الدوري، يكاد من خلالها غير المتابع أن يجزم بأن الهلال يحتل أحد مراكز الوسط أو مركزًا متقدمًا من القسم الثاني في الدوري. ينادي البعض بعبارات تشجيعية مثل (يا مدور الهين)، أو (الطريق الصعب أشد حلاوة)، أو غيرها من العبارات التي تنطبق على حالة فريق، بدأ متعثرًا ثم استفاق فجأة؛ فبدأ حصد الأخضر واليابس على حد سواء. لكن التفريط الحاصل في المراحل الأخيرة من المنافسة يكاد يعلن بكل صراحة لجمهور الهلال أن الموسم انتهى بالحصول على كأس ولي العهد. نظريًّا وحسابيًّا يستطيع الهلال أن يتغلب في المباريات الأربع القادمة على منافسيه ليتوج بالدوري، وهو قادر أيضًا على إلحاق لقب الدوري بكأس الملك، والتأهل لدور الثمانية آسيويًّا. فما الذي يعيقه إذًا؟! هل هي إدارة فضلت العمل بصمت، فطال صمتها؛ ليصل للسكوت عن استهتار لاعبين وعبث مدرب؟ هل هو مدرب أفلتت من بين أصابعه خيوط اللعبة؛ فأصبح عاجزًا عن إقناع الجميع (مستوى ونتائج) بما يراه، ثم قام بتقديم رغبة الانتصار في معاركه مع بعض اللاعبين أو المنتقدين على المصلحة العامة للفريق؟ هل هم لاعبون خلعوا رداء الزعامة واستبدلوا شعار الهلال بأسمائهم الشخصية ظنًّا منهم أنهم هم من صنع الهلال لا هو من صنعهم؟ كل ما سبق، وكل ما ذُكر، ساهم برسم تلك الصورة الباهتة لهلال قادر على جمع كل شيء، وخصوصًا في هذا الموسم العجيب. منذ متى وجمهور الهلال لا يعد الثواني انتظارًا للقاء القادم؟ منذ متى وجمهور الهلال ترتعد فرائصه كلما ضاعت فرصة للتسجيل يقينًا منه بأن الانتصار سيتسرب من بين يديه في أي لحظة دون أن يرف رمش لمن هم في الملعب؟ بدأت قلة من الجماهير (وقليل جمهور الهلال كثير) بترديد عبارة: وإن خسرنا الدوري للمرة الخامسة على التوالي فهي ليست بتلك الفاجعة كما يرى غيرنا! لا أزعم أن هذه العبارات قادرة على التأثير المباشر على الفريق (وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت قادرة على خلق ذلك التأثير)، ولكن بقليل من التفكُّر سنجد أن قائلها قد قالها إما اقتناعًا بوضع معين أو انتصارًا لرأيها في موضوع معين، بغض النظر عن صحته من عدمها. ذلك المشجع وصل واقتنع بتلك العبارة وقدماه لم تلامسا أرضية الملعب، فما بالك لو تفوه بها أحد اللاعبين أو المدرب أو الإداريين وهم يملكون من الحجج والأعذار الواقعية وغير الواقعية؛ ليبرروا لأنفسهم سلامة تلك العبارة؟ هذه العبارة لو استشرت بين أفراد الفريق فهي بالفعل تغيير كامل لأساسات هلالية، ارتقى عليها الهلاليون طوال تاريخهم عتبات المجد؛ ليتربعوا زعماء على قمة لا يشاركهم فيها أحد. خطر حقيقي، يجب أن يجتث اليوم قبل الغد؛ فالأعراف لا تستبدل إلا صعودًا. لذلك فالرسالة التي يجب أن تعيها إدارة الهلال أن كل من شبع تحت إدارتها قابل للاستبدال. فهناك جوعى للإنجاز لم تصلهم تخمة أولئك الشابعين. أربع جولات دورية، وخمسة لقاءات أو أكثر قليلاً هي ما تبقى في هذا الموسم. والضرب بيد من حديد على كل مكامن الخلل - وإن جاء متأخرًا - قادر بعد توفيق الله على تحويل واحد من أكثر المواسم إحباطًا وكآبة على جماهير الهلال ليكون موسمًا أسطوريًّا، لم يمر مثله على تاريخ الهلال. فهل تحلمون كما يحلم عشاق الزعيم؟ القرار لكم. خاتمة... لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم (المتنبي)