بسم الله الرحمن الرحيم صاحب السمو محافظ محافظة الدرعية الأمير أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود - حفظه الله - سعادة مدير عام التعليم بالرياض أمين الجائزة الأستاذ محمد المرشد أصحاب السعادة الحضور، إخواني أولياء أمور الطلبة والطالبات أبنائي الطلاب. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرني أن أرحب بكم أجمل ترحيب وأن أشكر لكم حضوركم حفلنا هذه الليلة لدعم ومساندة جيل المستقبل وأمل الوطن، كما أشكر كل من ساهم في إنجاح هذا الحفل لا سيما مكتب التعليم بالدرعية. أيها الحفل الكريم: إن حب الوطن غريزة فطرية، فالناس على اختلاف أديانهم وجنسياتهم يحبون أوطانهم ويستميتون في الذود عنها. وقدوتنا في ذلك النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما أُخرج من مكة: (ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك). بل إن العرب كانت تعشق تراب وطنها فقد روى الجاحظ: (كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه). وما أجمل أن يتحول هذا الحب للوطن ليصبح قيمة تتمثّل في السلوك السليم ليساعد في دعم قاعدة الأمن والاستقرار ودافعاً للإنتاج والتقدم والابتكار والإبداع، فحب الوطن ليس كلمات تُحفظ أو كتاباً يُدرس، بل هو مشاعر وممارسات سلوكية تقوم على مبادئ وقيم ومقومات يحصد ثمارها من يعيش على أرضه ويتنفس هواءها. فإن أعلى صور الانتماء وأسماها هو الانتماء للشريعة الإسلامية امتثالاً لتعاليمها والتزاماً بأحكامها وتطبيقاً لأوامرها ونواهيها ولا تعارض أو تناقض بين الانتماء للوطن والانتماء إلى الدين في الرؤية الإسلامية، خصوصاً أن وطننا المملكة العربية السعودية مهبطُ الوحي وقبلة المسلمين قام على تطبيق الشريعة الإسلامية وجعلها دستوراً له يعمل بأحكامها فالحفاظ عليه وحمايته هو قيمة إسلامية. وتحقيق الأمن الفكري ولزوم الجماعة من مقتضى البيعة الشرعية لولاة الأمر، وطاعة ولي الأمر تأتي في المقدمة بعد طاعة الله ورسوله كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. والأسرة تلعب دوراً بالغ الأهمية في تنشئة الفرد وتأهيله للقيام بأدواره وإعداده إعداداً سليماً وفقاً لأحكام الإسلام وآدابه وتعاليمه وتحصينه ضد الانحراف الفكري والأخلاقي بما يحقق - بإذن الله - السلامة للوطن والمجتمع. والمؤسسة التعليمية كذلك من خلال تأهيلها للطالب والطالبة بأن لا ينحصر دورها في مساعدة الطالب على التلقين العلمي لمفردات المواد، وإنما الوعي الذي يؤهله لبناء ذاته وفكره وتوجهاته، وأن يتمثّل المعلم والمنظومة التعليمية قيم الوطنية ويكونوا قدوة له في الخير والصلاح. فلا بد من التكاتف والتعاضد لنحافظ على ثروة الوطن الحقيقية ألا وهم النشء والشباب. كذلك الدعاة وأئمة المساجد عليهم واجب شرعي لترسيخ مفهوم المواطنة على ضوء الكتاب والسنة والتأهيل الشرعي ليؤدي المواطن ما عليه من واجبات نحو وطنه فلا يكتفي فقط بالمطالبة بحقوقه ويغفل عن واجباته. أيها الإخوة عندما يضعف الانتماء للوطن يتولّد الفتور والسلبية واللا مبالاة فيصبح المواطن فريسة سهلة لكل أنواع التعصب البعيدة عن مصالح الوطن ويُشكّل درجة كبيرة من الخطورة على الوحدة الوطنية والمنظومة الاجتماعية. أيها الحفل الكريم إن من فضل الله تعالى أن منّ علينا بالانتماء إلى هذا الوطن الغالي الذي تميز بكونه مهبط الوحي ومنبع الرسالة وقِبلة المسلمين وله مكانة اقتصادية، سياسية وإستراتيجية على مستوى العالم. وما توحيد صفوف المسلمين في رعد الشمال، واستجابة الدول وتفاعلها إلا دليل على مكانة المملكة العربية السعودية، وموقفها الحازم في حرب اليمن وإعادة الأمل دلالة على قدرتها العسكرية ومكانتها السياسية بفضل الله، ثم بفضل قيادتنا الحكيمة. لذلك حق لنا أن نفخر بهذا الوطن، وأن نبذل الغالي والنفيس من أجله ونلتزم بقيم المواطنة السامية. فلنملك روح المبادرة ولنكن فاعلين لعمل ما هو ضروري ومتسق مع المبادئ السليمة لخدمة ديننا ووطننا وولاة أمرنا قولاً وعملاً كي نحقق مفهوم الوطنية ولنلزم الجماعة ولنعمل بإخلاص وصدق وعزم على الخير. فكل مواطن معني بهذه المُثل السامية، وذلك بأن يحرص أن يؤدي ما هو منوط به بكل اقتدار، وأن يكون حصناً حصيناً ضد كل ما يُسيء لهذا الوطن الغالي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.